للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الصَّوْمِ

ــ

[رد المحتار]

إفْرَازُ كُلِّ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُرَى نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعَثُ إلَخْ) فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ جَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَكَانَ يَقْبَلُ مَنْ جَاءَ بِصَدَقَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِمْ رَحْمَتِيٌّ. قُلْت: فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ عَامِلًا كَعَامِلِ الزَّكَاةِ يَذْهَبُ إلَى الْقَبَائِلِ بِنَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْحَدِيثِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَصَارِفِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ إلَّا الْعَامِلَ الْغَنِيَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا تَصِحُّ إلَى مَنْ بَيْنَهُمَا أَوْلَادٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ وَلَا إلَى غَنِيٍّ أَوْ هَاشِمِيٍّ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ مَرَّ فِي بَابِ الْمَصْرِفِ، وَقَدَّمْنَا بَيَانَ الْأَفْضَلِ فِي الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ حَالٍّ) لَيْسَ الْمُرَادُ تَعْمِيمَ الْأَحْوَالِ مُطْلَقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّ لِكُلٍّ شُرُوطًا لَيْسَتْ لِلْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الزَّكَاةِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ النَّامِي وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ شَرْطًا هُنَا بَلْ الْمُرَادُ فِي أَحْوَالِ الدَّفْعِ إلَى الْمَصَارِفِ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَاشْتِرَاطِ التَّمْلِيكِ فَلَا تَكْفِي الْإِبَاحَةُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ.

[فَرْعٌ] قَدَّمْنَا فِي الْمَصْرِفِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ دَفَعَ الْفِطْرَةَ إلَى الطَّبَّالِ الَّذِي يُوقِظُهُمْ وَقْتَ السَّحَرِ جَازَ إلَّا أَنَّ الْأَحْوَطَ وَالْأَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ أَنْ يُقَدِّمَ إلَيْهِ قُرُصَاتٍ هَدِيَّةً ثُمَّ يُعْطِيهِ الْحِنْطَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَوَازِ الدَّفْعِ إلَى الذِّمِّيِّ) فِي الْخَانِيَّةِ جَازَ وَيُكْرَهُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ. [تَنْبِيهٌ] يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْعَامِلِ كَمَا قُلْنَا آنِفًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عِمَالَتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) كُلٌّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَمَّا الْأُولَى فَفِي بَابِ الْمَصْرِفِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَفِي هَذَا الْبَابِ ح.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الدَّافِعِ بِاعْتِبَارِ الْتِزَامِهِ بِذَلِكَ تَبَرُّعًا وَجَعْلِهِ إيَّاهَا مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَإِلَّا فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَلِذَا لَهَا بَيْعُهُ بِهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا عَلَى السَّيِّدِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَهُ فَإِذَا كَانَ لَهَا بَيْعُهُ بِهَا صَارَتْ كَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي مَالِهِ وَيُحْتَمَلُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ إلَى الْعَبْدِ وَوَجْهُ الْمُبَالَغَةِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَاجِبَاتُ الْإِسْلَامِ سَبْعَةٌ) عَزَاهُ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ إلَى الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ يُقَالَ: إنَّ وَاجِبَاتِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَسَبْعَةٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذِهِ السَّبْعَةَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّ لَهَا خُصُوصِيَّةً اشْتَرَكَتْ فِيهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فَلَا يَرِدُ مَا فِي ط مِنْ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَهِرَ مِنْهَا فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ فَاتَهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقَ وَاجِبٍ فَفِي الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا وَاجِبَاتٌ لَا تُحْصَى وَمُرَادُهُ بِالْوَاجِبِ مَا يَعُمُّ الْوَاجِبَ دِيَانَةً كَخِدْمَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَالْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ كَالْوِتْرِ وَعَدَّ الْعُمْرَةَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا وَسَيَأْتِي اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الصَّوْمِ]

ِ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: اعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الدِّينِ وَأَوْثَقِ قَوَانِينِ الشَّرْعِ الْمَتِينِ بِهِ قَهْرُ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، وَمِنْ الْمَنْعِ عَنْ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ عَامَّةَ يَوْمِهِ وَهُوَ أَجْمَلُ الْخِصَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>