وَفِي الْخُلَاصَةِ الْقَرْضُ بِالشَّرْطِ حَرَامٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ بِأَنْ يُقْرِضَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِهِ إلَى بَلَدِ كَذَا لِيُوَفِّيَ دَيْنَهُ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ سُكْنَى الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ.
[فُرُوعٌ] اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِأَخْذِهَا فَقَالَ الْمُقْرِضُ دَفَعْته إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ فَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِحَقٍّ انْتَهِي.
عِشْرُونَ رَجُلًا جَاءُوا وَاسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ وَأَمَرُوهُ بِالدَّفْعِ لِأَحَدِهِمْ فَدَفَعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إلَّا حِصَّتَهُ.
قُلْت: وَمَفَادُهُ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِقَبْضِ الْقَرْضِ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ قُنْيَةٌ
ــ
[رد المحتار]
هِبَةُ الْمَشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ اهـ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْضَهُ أَوَّلَ بَابِ الرِّبَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقْرِضَ إلَخْ) هَذَا يُسَمَّى الْآنَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ فِي الدُّرَرِ كُرِهَ لِلسُّفْتَجَةِ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ التَّاءِ تَعْرِيبُ سُفْتَهُ: وَهِيَ شَيْءٌ مُحْكَمٌ وَيُسَمَّى هَذَا الْقَرْضُ بِهِ لِإِحْكَامِ أَمْرِهِ وَصُورَتُهُ: أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَى تَاجِرٍ مَبْلَغًا قَرْضًا لِيَدْفَعَهُ إلَى صَدِيقِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَفِيدَ بِهِ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ اهـ. وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَتُكْرَهُ السَّفْتَجَةُ إلَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ مُطْلَقًا وَيُوَفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا آخِرَ كِتَابِ الْحَوَالَةِ.
[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]
(قَوْلُهُ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ) أَيْ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ، وَعَنْ الْخُلَاصَةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّفْعُ مَشْرُوطًا فِي الْقَرْضِ، فَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ إلَخْ) الَّذِي فِي رَهْنِ الْأَشْبَاهِ يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ اهـ سَائِحَانِيٌّ.
قُلْت: وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ هُنَاكَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ سَمَرْقَنْدَ إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الرِّبَا لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ كَامِلًا فَتَبْقَى لَهُ الْمَنْفَعَةُ فَضْلًا، فَتَكُونُ رِبًا وَهَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ.
قُلْت: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الدِّيَانَةِ وَمَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ عَلَى الْحُكْمِ ثُمَّ رَأَيْت فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى إذَا كَانَ مَشْرُوطًا صَارَ قَرْضًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَهُوَ رِبًا وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ مَا فِي الْمِنَحِ مُلَخَّصًا وَتَعَقَّبَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ مَا كَانَ رِبًا لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّوْفِيقِ بَعْدَ الْفَتْوَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُبَاحُ.
قُلْت: وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ تَوْفِيقًا آخَرَ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوطِ، وَمَا مَرَّ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إبْقَاءِ التَّنَافِي. وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ أَهْدَى الْمُسْتَقْرِضُ لِلْمُقْرِضِ إنْ كَانَتْ بِشَرْطٍ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا وَأَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ فِيمَنْ رَهَنَ شَجَرَ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ الْمُرْتَهِنُ ثَمَرَتَهُ نَظِيرَ صَبْرِهِ بِالدَّيْنِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ دَفَعْته) أَيْ الْقَرْضَ وَالْأَوْلَى دَفَعْتهَا أَيْ الْعَشَرَةَ (قَوْلُهُ فَأَنْكَرَ الْمَوْلَى إلَخْ) مَفْهُومَةُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْعَبْدِ يَلْزَمُهُ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: ابْعَثْ إلَيَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا لَهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِحَقٍّ) وَهُوَ كَوْنُهُ نَائِبًا عَنْ سَيِّدِهِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْقَابِضِ إلَّا حِصَّتَهُ مِنْ الْقَرْضِ، لِأَنَّهُ قَبَضَ الْبَاقِيَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ رُفْقَتِهِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ) هَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعَثَ رَجُلًا لِيَسْتَقْرِضَهُ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ مُرْسِلُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ رَسُولُهُ.