للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ أَرَهُ وَخَطَرَ لِي أَنَّهُ يُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ يَعْمُرَهَا أَوْ يَرُدَّهَا لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ. قُلْت: فَلَوْ هُوَ الْوَارِثُ لَمْ أَرَهُ.

وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا يُفِيدُ اسْتِبْدَالَهُ أَوْ رَدَّ ثَمَنِهِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ

[مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ]

(وَصَرَفَ)

ــ

[رد المحتار]

تَعْمِيرِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ يُؤَجِّرُهَا الْمُتَوَلِّي وَيُعَمِّرُهَا مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ لِلْغَلَّةِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ وَامْتَنَعَ مِنْ عِمَارَتِهَا يُنَصِّبُ غَيْرَهُ لِيُعَمِّرَهَا أَوْ يُعَمِّرَهَا الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ قَدْ تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ فِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّتُهَا لَا تَفِي بِعِمَارَتِهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ لَزِمَهُ أَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَلِأَنَّ كَلَامَ الْوَاقِفِ لَا يَصْلُحُ مُلْزِمًا لَهُ بِتَعْمِيرِهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ.

(قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ هَذَا وَالْحَالُ بِهَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَصِيرَ نَقْصًا عَلَى الْأَرْضِ كَرَمَادٍ تَسْفُوهُ الرِّيَاحُ اهـ أَيْ لَوْ تُرِكَتْ بِلَا عِمَارَةٍ تَصِيرُ هَكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَرُدُّهُ لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِاسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَرْضِ وَالدَّارِ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُولُ الْوَقْفُ إذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَسَاكِينُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلْقَاضِي. اهـ. وَأَمَّا عَوْدُ الْوَقْفِ بَعْدَ خَرَابِهِ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ وَرَثَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا ضَعْفَهُ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ السُّكْنَى إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِبْدَالِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَرْضُ لَا الْبَيْتُ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي رِسَالَةِ الِاسْتِبْدَالِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُنْتَقَى الْمَذْكُورِ شَامِلٌ لِلْأَرْضِ وَالْبَيْتِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ هُوَ الْوَارِثُ لَمْ أَرَهُ) قَبْلَ هَذَا عَجِيبٌ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا رَأَى كَلَامَ الْبَحْرِ خُصُوصًا، وَقَدْ أَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الِاسْتِبْدَالُ فَقَطْ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْوَارِثِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. اهـ.

قُلْت: بَلْ هُوَ عَجِيبٌ مِنْ الْمُعْتَرِضِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ الْبَحْرُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَشَايِخِ إلَخْ. نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا مَا قَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَادَ إلَى الْمِلْكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ دَارَ الْغَلَّةِ إذَا خَرِبَتْ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الْمِلْكِ عِنْدَهُ نَقْضُهَا دُونَ سَاحَتِهَا لِأَنَّ سَاحَتَهَا يُمْكِنُ اسْتِغْلَالُهَا وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَدِّ لِلْغَلَّةِ كَرِبَاطٍ أَوْ حَوْضٍ خَرِبٍ فَهَذَا يَعُودُ إلَى الْمِلْكِ كُلِّهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ انْهَدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُعَمِّرُ مِنْهُ، وَلَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ وَلَا تَعْمِيرُهُ، هَلْ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ مِنْ حَجَرٍ وَطُوبٍ وَخَشَبٍ؟ أَجَابَ: إذَا كَانَ الْأَمْوَالُ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَقْفٌ مَكَانَهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدَّهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَلَا يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالرَّدُّ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ إلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، حَيْثُ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ تَأَمَّلْ. .

١ -

[تَتِمَّةٌ] قَالَ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَقَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخَانَ لَوْ احْتَاجَ إلَى الْمَرَمَّةِ آجَرَ بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ يُؤْذِنُ لِلنَّاسِ بِالنُّزُولِ سَنَةً، وَيُؤَجِّرُ سَنَةً أُخْرَى وَيَرُمُّ مِنْ أُجْرَتِهِ وَقَالَ النَّاطِفِيُّ الْقِيَاسُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجُوزَ إجَارَةُ سَطْحِهِ لِمِرَمَّتِهِ مُحِيطٌ، وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ عِمَارَةِ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ وَالْحَوْضِ وَالْبِئْرِ وَأَمْثَالِهَا حُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>