وَيَأْخُذُ فِيمَا يُشْتَرَى لِصَغِيرِهِ ... أَبٌ وَوَصِيٌّ لِلْبُلُوغِ يُؤَخَّرُ
وَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ دَارَيْنِ بِيعَتَا ... وَلَوْ غَيْرَ جَارٍ وَالتَّفَرُّقُ أَجْدَرُ
وَمَا ضَرَّ إسْقَاطُ التَّحَيُّلِ مُسْقِطًا ... وَتَحْلِيفُهُ فِي النُّكْرِ لَا شَكَّ أَنْكَرُ.
كِتَابُ
الْقِسْمَةِ
مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ الِافْتِرَاقَ بَاعَ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ أَوْ قَسْمٌ. (هِيَ) لُغَةً اسْمٌ لِلِاقْتِسَامِ كَالْقُدْوَةِ لِلِاقْتِدَاءِ. وَشَرْعًا (جَمْعُ نَصِيبٍ شَائِعٍ لَهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ. وَسَبَبُهَا طَلَبُ الشُّرَكَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبُهُمْ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ.
(وَرُكْنُهَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْرَازُ وَالتَّمَيُّزُ بَيْنَ الْأَنْصِبَاءِ)
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا ط (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ إلَخْ) فِي الْبَيْتِ مَسْأَلَتَانِ قَدَّمْنَا قَرِيبًا الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا مُسْتَوْفًى، وَقَوْلُهُ أَبٌ تَنَازَعَ فِيهِ يَأْخُذُ وَيُشْتَرَى، وَقَوْلُهُ وَوَصِيٌّ مُبْتَدَأٌ وَالْوَاوُ فِيهِ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجُمْلَةُ يُؤَخَّرُ خَبَرُهُ وَلِلْبُلُوغِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ، وَقَوْلُهُ بِيعَتَا: أَيْ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَهُوَ شَفِيعُهُمَا فَيَأْخُذُهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَتْرُكُهُمَا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ جَارٍ: أَيْ لَهُمَا جَمِيعًا بَلْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَوْ فِيهِ وَصَلْيَةٌ، وَقَوْلُهُ وَالتَّفَرُّقُ أَجْدَرُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ تَرْجِيحٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ أَخْذَ مَا يُجَاوِرُهُ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُ الْإِمَامِ آخِرًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي نُسَخِ الْوَهْبَانِيَّةِ: فَالتَّفَرُّقُ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، فَلَوْ شَرْطِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَمَا ضَرَّ إلَخْ) أَيْ لَا بَأْسَ بِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بِالْحِيلَةِ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ: أَيْ الشُّفْعَةَ وَفَاعِلُ ضَرَّ الْمَصْدَرُ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ مُسْقِطًا لَا مَحْذُوفٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَتَحْلِيفُهُ إلَخْ) أَيْ تَحْلِيفُ الشَّفِيعِ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ فِي وَقْتِ إنْكَارِهِ التَّحَيُّلَ أَنْكَرُ: أَيْ مُنْكَرٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً وَإِلَّا فَلَهُ التَّحْلِيفُ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى وَلِيَّ كُلِّ نِعْمَةٍ، أَنْ يَقْسِمَ لَنَا مِنْ شَفَاعَةِ رَسُولِهِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْفَرَ الْقِسْمَةِ، إنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]
ِ هِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ. قَالَ تَعَالَى: - {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: ٢٨]- أَيْ لِكُلٍّ شِرْبٌ مُحْتَضَرٌ: وَقَالَ: - {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥]- وَقَالَ - {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: ٨]- وَبِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَاشَرَهَا فِي الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ وَقَالَ أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ» وَهَذَا مَشْهُورٌ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ مُنَاسَبَتُهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْمُنَاسَبَةُ أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ مَالَ الْمُشْتَرِي جَبْرًا عَلَيْهِ، وَفِي الْقِسْمَةِ يَمْلِكُ نَصِيبَ الشَّرِيكِ جَبْرًا عَلَيْهِ إذْ هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ مُطْلَقًا فِي الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشُّفْعَةَ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ كُلِّيٌّ وَهَذَا تَمَلُّكُ الْبَعْضِ فَكَانَتْ أَقْوَى رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلِاقْتِسَامِ) كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ أَوْ التَّقْسِيمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، لَكِنَّ الْأَنْسَبَ بِمَا يَأْتِي مِنْ لَفْظِ الْقَاسِمِ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرَ قَسَمَ الشَّيْءَ بِالْفَتْحِ: أَيْ جَزَّأَهُ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ وَغَيْرِهَا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَالْقُدْوَةِ) مُثَلَّثَةُ الْأَوَّلِ وَكَعُدَّةِ مَا تَسَنَّنْت بِهِ وَاقْتَدَيْت بِهِ قَامُوسٌ، فَقَوْلُهُ لِلِاقْتِدَاءِ الْمُنَاسِبُ فِيهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي مَكَان) مُتَعَلِّقٌ بِجَمْعُ
(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُنْتَفِعٌ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ فَالطَّالِبُ لِلْقِسْمَةِ يَسْأَلُ الْقَاضِيَ أَنْ يَخُصَّهُ بِالِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute