[فَرْعٌ]
أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ أَوْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِ كَذَا أَوْ يُطَيَّنُ قَبْرُهُ أَوْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ أَوْ لِمَنْ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَهِيَ بَاطِلَةٌ سِرَاجِيَّةٌ وَسَنُحَقِّقُهُ.
أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تُصْرَفُ لِوُجُوهِ الْبِرِّ.
قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَهُوَ عُشْرُ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْأَلْفُ وَفِي أَوْصَيْت لَهُ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ، وَهُوَ أَلْفٌ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَانِ وَدَنَانِيرُ وَجَوَاهِرُ فَكُلُّهُ لَهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مُجْتَبَى.
قَالَ لِمَدْيُونِهِ: إذَا مِتَّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ مِتَّ لَا يُبَرَّأُ لِلْمُخَاطَرَةِ.
يَدْخُلُ الْمَجْنُونُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْمَرْضَى وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ يَدْخُلُ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي بِلَادِ خَوَارِزْمَ دُونَ بِلَادِنَا
وَلَوْ أَوْصَى لِلْعُقَلَاءِ يُصْرَفُ لِلْعُلَمَاءِ الزَّاهِدِينَ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْعُقَلَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ فَتَنَبَّهْ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي يَدِ الْمُوصِي أَوْ وَرَثَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ سِرَاجٌ.
ــ
[رد المحتار]
لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَ مَا يَشْغَلُهُمْ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
[فَرْعٌ أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ أَوْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ]
(قَوْلُهُ أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ) لَعَلَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ أَنَّ فِيهَا إبْطَالَ حَقِّ الْوَلِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِ كَذَا) اُنْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ) أَيْ قُبَيْلَ فَصْلِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ بِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَطْيِينُ الْقُبُورِ وَلَا الْقِرَاءَةُ عِنْدَهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُصْرَفُ لِوُجُودِهِ الْبِرِّ) قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ أَيْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْمُرَادَ التَّصَدُّقُ لِوَجْهِهِ تَعَالَى تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ
(قَوْلُهُ قَالَ أَوْصَيْت إلَخْ) وَكَذَا أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي، وَهُوَ أَلْفٌ فَلَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ أَلْفٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة، وَكَذَا أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا نَصِيبُهُ النِّصْفُ، فَهُوَ لَهُ أَوْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ كُرُّ طَعَامٍ، فَإِذَا فِيهِ أَكْثَرُ أَوْ كُرُّ حِنْطَةِ أَوْ شَعِيرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمُشَارٍ إلَيْهِ ثُمَّ قَدَّرَهُ صَحَّ وَافَقَ الْمِقْدَارَ أَوْ لَا وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِيجَابَ وَالتَّمْلِيكَ إلَى الثُّلُثِ مُطْلَقًا، وَإِلَى جَمِيعِ مَا فِي الْكِيسِ، فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ إلَّا أَنَّهُ غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِقْدَارًا مَعْلُومًا فَانْصَرَفَ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ إذَا مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ (قَوْلُهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ هَذَا، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْقُنْيَةِ صَحَّ وَصِيَّةً، فَوَصِيَّةً بِالتَّنْوِينِ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْرَاءٍ بَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَوْتِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ مِتّ إلَخْ) عَزَاهُ فِي مُخْتَصَرِ الْقُنْيَةِ لِبَعْضِ الْكُتُبِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ إذَا فُتِحَ التَّاءُ أَخْذًا مِمَّا فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ، لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ اهـ أَيْ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْمُرَادُ بِالْخَطَرِ هُنَا التَّعْلِيقُ عَلَى مَعْدُومٍ مُتَرَقَّبِ الْوُقُوعِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كَالْمَوْتِ وَمَجِيءِ الْغَدِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ كَقَوْلِهِ لِمَدْيُونِهِ إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ وَمَرَّ تَمَامُهُ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ فِي بِلَادِ خَوَارِزْمَ) وَكَذَا الْإِقْلِيمِ الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ سَائِحَانِيٌّ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ فِي خَوَارِزْمَ لَا يَتَّبِعُونَ الشَّبَهَ بَلْ يَتَعَلَّمُونَ، وَيَعْلَمُونَ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَفِي الْبِلَادِ الْأُخْرَى يَذْكُرُونَ شَبَهَ الْفَلَاسِفَةِ الْمُلَبَّسَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَقَائِدُهُمْ بِلَا تَعَرُّضٍ لِرَدِّهَا وَحَثَّ عَنْ تَجَنُّبِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُمْ ضَالُّونَ مُضِلُّونَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ نَصِيبٌ ط
(قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ قُنْيَةٌ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لَهَا كَمَا فِي الْمِنَحِ، إلَّا أَوْهَمَتْ أَنَّهَا عِبَارَةُ السِّرَاجِ ط
(قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوصِي أَوْ وَرَثَتِهِ إذَا هَلَكَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ أَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ، فَإِنْ وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ وَإِنْ مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ