للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ تَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ لِشُهُودٍ وَمَهْرٍ، وَلَهُ رَجْعَةُ أَمَةٍ عَلَى حُرَّةٍ نَكَحَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا وَتَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ

(وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ) بِمَالٍ دُرَرٌ وَغَيْرُهَا. وَفِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ كَانَ فِدَاءً فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ

(وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجْعَةَ كَذَلِكَ.

وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ قَاعِدَةً وَاحِدَةً وَالْفُرُوعُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَيْهَا وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُمَا قَاعِدَتَانِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالرَّجْعَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَقَطْ فَلَا بُطْلَانَ فِي كَلَامِهِمْ بَعْدَ فَهْمِ مَرَامِهِمْ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَحَيْثُ ذَكَرَ الثِّقَاتُ بُطْلَانَهَا بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَبْقَ الشَّأْنُ إلَّا فِي السَّبَبِ الدَّاعِي لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّكَاحِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ فِي الشَّرْحِ. وَاعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَتِهَا النِّكَاحَ فِي أَحْكَامٍ أَنْ تُخَالِفَهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ اهـ. قُلْت: وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِالشَّرْطِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ بِالْفَاءِ لَا بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّك قَدْ سَمِعْت الْجَوَابَ الْحَاسِمَ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ.

[تَنْبِيهٌ] عَلَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُحْلَفَ بِهِ وَلَا يُحْلَفُ بِالرَّجْعَةِ اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَالْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ اهـ. قُلْت: اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَإِنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ لَا يُحْلَفُ بِالرَّجْعَةِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُرَاجِعَ زَوْجَتِي كَمَا يُقَالُ فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّهُ يُحَلَّفُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَجَعَلَ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ إذَا أَنْكَرَ الرَّجْعَةَ لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا كَبَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ الَّتِي لَا يُحَلَّفُ عَلَيْهَا الْمُنْكِرُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُحَلَّفُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَعْضِ الظَّنِّ فَاجْتَنِبْهُ

(قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ) كَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُسْكِنَنِي فِي الدَّارِ سَنَةً أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعًا عَيْنِيٌّ. وَفِي صُلْحِ الزَّيْلَعِيِّ إنَّمَا يَكُونُ بَيْعًا إذَا كَانَ الْبَدَلُ خِلَافَ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلَوْ عَلَى جِنْسِهِ، فَإِنْ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ حَطٌّ وَإِبْرَاءٌ، وَإِنْ بِمِثْلِهِ فَقَبْضٌ وَاسْتِيفَاءٌ، وَإِنْ بِأَكْثَرَ فَهُوَ فَضْلٌ وَرِبًا (قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ بَيْعًا فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ عَلَى جِنْسِ الْمُدَّعَى بِصُوَرِهِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، لَكِنْ الْأُولَى مِنْهَا دَاخِلَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ الْآتِي، وَالثَّالِثَةُ فَاسِدَةٌ بِدُونِ الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ لِكَوْنِهَا رِبًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَظْهَرُ عَدَمُ فَسَادِهَا مُطْلَقًا تَأَمَّلْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ عَنْ إقْرَارٍ بِقَرِينَةِ التَّفْرِيغِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ وَالصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ وَإِنْكَارٍ لَيْسَ مِنْهَا، فَجَوَابُهُ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ قَاعِدَتَانِ لَا وَاحِدَةٌ فَمَا لَمْ يَصْلُحْ فَرْعًا لِلْأُولَى يَكُونُ فَرْعًا لِلثَّانِيَةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فَافْهَمْ

[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

(قَوْلُهُ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ عَيْنِيٌّ. وَفِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْت ذِمَّتَك بِشَرْطِ أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي رَدِّ الْإِبْرَاءِ وَتَصْحِيحِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت، أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك أَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ أَوْ كَفِيلِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا أَوْ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا إبْرَاءَ اهـ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْكَفَالَةِ إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَإِنْ وَافَيْت بِهِ غَدًا فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَوَافَاهُ بِهِ بَرِئَ مِنْ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لَا تَمْلِيكٌ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ) حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>