للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ قَطَعَ الْخَتَّانُ الْحَشَفَةَ وَبَرِئَ الْمَقْطُوعُ تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَرِئَ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ وَهِيَ عُضْوٌ كَامِلٌ كَاللِّسَانِ (وَإِنْ مَاتَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُهَا) لِحُصُولِ تَلَفِ النَّفْسِ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ فَيَضْمَنُ النِّصْفَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْحَجَّامِ وَنَحْوِهِ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْرِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ إلَّا إذَا فَعَلَ غَيْرَ الْمُعْتَادِ فَيَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ.

وَفِيهَا سُئِلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَنْ فَصَادَ قَالَ لَهُ غُلَامٌ أَوْ عَبْدٌ: أَفْصِدْنِي فَفَصَدَ فَصْدًا مُعْتَادًا فَمَاتَ بِسَبَبِهِ.

قَالَ: تَجِبُ دِيَةُ الْحُرِّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَصَّادِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ. وَسُئِلَ عَنْ مَنْ فَصَدَ نَائِمًا وَتَرَاكَهُ حَتَّى مَاتَ مِنْ السَّيْلَانِ قَالَ يَجِبُ الْقِصَاصُ

(وَالثَّانِي) وَهُوَ الْأَجِيرُ (الْخَاصُّ) وَيُسَمَّى أَجِيرَ وَحْدٍ (وَهُوَ مَنْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ عَمَلًا مُؤَقَّتًا بِالتَّخْصِيصِ وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ) شَهْرًا (لِرَعْيِ الْغَنَمِ) الْمُسَمَّى بِأَجْرٍ مُسَمًّى بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَ الْمُدَّةَ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلرَّعْيِ شَهْرًا حَيْثُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا إلَّا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَخْدُمَ غَيْرَهُ وَلَا يَرْعَى لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ خَاصًّا

ــ

[رد المحتار]

سَاكِتَةٌ عَنْ التَّجَاوُزِ فَصَارَ مَا نَطَقَ بِهِ هَذَا بَيَانًا لِمَا سَكَتَ عَنْهُ الْآخَرُ، وَيُسْتَفَادُ بِمَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ التَّجَاوُزِ وَالْإِذْنِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ، حَتَّى إذَا عُدِمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ انْتَهَى طُورِيٌّ وَعَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَطَعَ الْخَتَّانُ الْحَشَفَةَ) أَيْ كُلَّهَا: قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَبِقَطْعِ بَعْضِهَا يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الأتقاني. (قَوْلُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: هَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ وَجَبَ الْأَكْثَرُ بِالْبُرْءِ وَالْأَقَلُّ بِالْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ تَجِبُ دِيَةُ الْحُرِّ) أَيْ لَوْ كَانَ الْغُلَامُ حُرًّا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ لَوْ كَانَ عَبْدًا، قَالَ ح؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُهُمَا لِلْحَجْرِ عَلَيْهِمَا فِي الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ خَطَأً إذْ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ عَدَمُ مُجَاوَزَةِ الْفِعْلِ الْمُعْتَادِ ط (قَوْلُهُ قَالَ يَجِبُ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمُحَدِّدٍ ط أَيْ وَهُوَ قَاصِدٌ لِقَتْلِهِ فَكَانَ عَمْدًا.

(قَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَجِيرُ وَحْدٍ) بِالْإِضَافَةِ خِلَافُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْوَحْدِ بِمَعْنَى الْوَحِيدِ، وَمَعْنَاهُ أَجِيرُ الْمُسْتَأْجِرِ الْوَاحِدِ. وَفِي مَعْنَاهُ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ؛ وَلَوْ حَرَّكَ الْحَاءَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ رَجُلٌ وَحَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ: أَيْ مُنْفَرِدٌ مُغْرِب، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَسَنَذْكُرُ مَا يُفِيدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يَعْمَلُ) صَوَابَهُ إسْقَاطُ الْعَاطِفِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ ح.

[مَبْحَثُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ] ١

ِّ (قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ) أَيْ لِمُعَيَّنٍ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ رَجُلًا لِرَعْيِ غَنَمٍ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ خَاصَّةً كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ اهـ فَخَرَجَ مَنْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ عَمَلًا مُؤَقَّتًا) خَرَجَ مَنْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ كَالْخَيَّاطِ إذَا عَمِلَ لِوَاحِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً ح. (قَوْلُهُ بِالتَّخْصِيصِ) خَرَجَ نَحْوُ الرَّاعِي إذَا عَمِلَ لِوَاحِدٍ عَمَلًا مُؤَقَّتًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الْعَمَلِ لِغَيْرِهِ.

قَالَ ط: وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِرَعْيِ الْغَنَمِ كَانَ خَاصًّا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ التَّخْصِيصَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْصِيصِ أَنْ لَا يُذْكَرَ عُمُومًا سَوَاءٌ ذَكَرَ التَّخْصِيصَ أَوْ أَهْمَلَهُ، فَإِنَّ الْخَاصَّ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بِذِكْرِ التَّعْمِيمِ كَمَا يَأْتِي فِي عِبَارَةِ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ) أَيْ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ، فَلَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ لِعُذْرٍ كَمَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الذَّخِيرَةِ. (قَوْلُهُ لِلْخِدْمَةِ) أَيْ لِخِدْمَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَوَظِيفَتُهُ الْخِدْمَةُ الْمُعْتَادَةُ مِنْ السَّحَرِ إلَى أَنْ تَنَامَ النَّاسُ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ وَأَكْلُهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، لَكِنْ قَالَ الْفَقِيهُ: فِي زَمَانِنَا الْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ حَمَوِيٌّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ط: أَيْ أَوَّلِ الْبَابِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ الْمُسَمَّى) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الدُّرَرِ وَالتَّبْيِينِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>