للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَصَاحِبُ الْهَوَى إذَا كَانَ لَا يَكْفُرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ فِي الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّا أُمِرْنَا بِبِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَى ظَاهِرِ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ كَانَ يَكْفُرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ) فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً عِنْدَهُ نَافِذَةً عِنْدَهُمَا شَرْحُ الْمَجْمَعِ.

(وَالْمُرْتَدُّ فِي الْوَصِيَّةِ كَذِمِّيَّةٍ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ (الْوَصِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ) كَقَوْلِهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ مَالِي أَوْ ثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ (لَا تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ) لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى الْغَنِيِّ حَرَامٌ (وَإِنْ عُمِّمَتْ) كَقَوْلِهِ: يَأْكُلُ مِنْهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، لِأَنَّ أَكْلَ الْغَنِيِّ مِنْهَا إنَّمَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَالتَّمْلِيكُ إنَّمَا يَصِحُّ لِمُعَيَّنٍ وَالْغَنِيُّ لَا مُعَيَّنَ وَلَا يُحْصَى.

(وَلَوْ خُصَّتْ) الْوَصِيَّةُ (بِهِ) أَيْ بِالْغَنِيِّ كَقَوْلِهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ مَالِي وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ وَهُوَ غَنِيٌّ (أَوْ لِقَوْمٍ) أَغْنِيَاءَ (مَحْصُورِينَ حَلَّتْ لَهُمْ) لِصِحَّةِ تَمْلِيكِهِمْ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْوَقْفِ) كَمَا حَرَّرَهُ مُنْلَا خُسْرو: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ. .

[فُرُوعٌ]

أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ جَازَ لِلْوَصِيِّ صَرْفُهُ لِلْوَرَثَةِ لَوْ مُحْتَاجِينَ يَعْنِي لِغَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ مِمَّنْ يَجُوزُ صَرْفُ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِمْ، بِخِلَافِ مُطْلَقِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ لِكُلِّ وَرَثَتِهِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْهَوَى) .

قَالَ السَّيِّدُ الْجُرْجَانِيُّ فِي تَعْرِيفَاتِهِ: أَهْلُ الْهَوَى أَهْلُ الْقِبْلَةِ الَّذِينَ لَا يَكُونُ مُعْتَقَدُهُمْ مُعْتَقَدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُمْ الْجَبْرِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالرَّوَافِضُ وَالْخَوَارِجُ وَالْمُعَطِّلَةُ وَالْمُشَبِّهَةُ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِرْقَةً فَصَارُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَكْفُرُ) أَيْ بِهِ فَحَذَفَ الْجَارَ لِظُهُورِهِ ط (قَوْلُهُ فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً) أَيْ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ

(قَوْلُهُ كَذِمِّيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) فَتَصِحُّ وَصَايَاهَا هِدَايَةٌ، وَقِيلَ لَا. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي الزِّيَادَاتِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُقَرُّ عَلَى اعْتِقَادِهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدَّةِ.

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ: أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ وَالْأَصَحَّ يَصْدُقَانِ اهـ أَيْ كَوْنُ أَحَدِهِمَا أَصَحَّ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْآخَرِ صَحِيحًا، وَرَجَّحَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ الْوَصِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ) أَيْ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ غَنِيٌّ وَلَا فَقِيرٌ فِيهَا، وَالْعَامَّةُ مَا ذُكِرَا فِيهَا ط (قَوْلُهُ وَهِيَ عَلَى الْغَنِيِّ حَرَامٌ) وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا هِبَةً لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ حَالًا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ هِبَةً؛ لِمَا قَالُوا: إنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ، وَالْهِبَةُ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ عُمِّمَتْ) إنْ: وَصْلِيَّةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ هُنَا صَحِيحَةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّهَا بِالْأَغْنِيَاءِ فَقَطْ، إذْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا تَمْلِيكًا لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَلَا صَدَقَةً لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُنَبِّئُ عَنْ مَعْنَى الْحَاجَةِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ. (قَوْلُهُ وَالْغَنِيُّ لَا مُعَيَّنٌ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ لَا يُعَيَّنُ

(قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَقْفِ) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ الْمُطْلَقَ يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ لَا يَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَإِنْ عَمَّمَ الْوَاقِفُ، وَإِذَا خَصَّصَهُ بِغَنِيٍّ مُعَيَّنٍ أَوْ بِقَوْمٍ مَحْصُورِينَ أَغْنِيَاءَ حَلَّ لَهُمْ وَيَمْلِكُونَ مَنَافِعَهُ لَا عَيْنَهُ دُرَرٌ.

وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ السِّقَايَةَ وَالْمَقْبَرَةَ وَالرِّبَاطَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ لِأَنَّ الْوَقْفَ يُقْصَدُ بِهَا الْعُمُومُ، فَإِذَا اكْتَفَى بِقَصْدِهِ الْعُمُومَ كَيْفَ يَمْتَنِعُ مَعَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ) أَيْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْمُتَوَلِّيَ أَخُو الْوَصِيِّ، وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ هُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ اتِّحَادِ حُكْمِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ فِيمَا مَرَّ، فَقَدْ قَالُوا أَيْضًا: إنَّهُمَا أَخَوَانِ، وَقَالُوا: الْوَقْفُ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَقَالُوا: إنَّهُمَا يَسْتَقِيَانِ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ

[فُرُوعٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلصَّلَوَاتِ]

(قَوْلُهُ يَعْنِي لِغَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ) أَيْ بِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ: لَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْطَى عَنْ كَفَّارَةِ صَلَوَاتِهِ لِوَلَدِ وَلَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ فَإِنَّهُ يُعْطَى كَمَا أَمَرَ وَلَا يَجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ صَرْفُ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِمْ) بِأَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>