للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ مِيرَاثٌ) لِأَنَّهُ كَوَقْفٍ لَمْ يُسَجَّلْ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَيْسَ هُوَ كَالْمَسْجِدِ لِأَنَّهُمْ يَسْكُنُونَ وَيَدْفِنُونَ فِيهِ مَوْتَاهُمْ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ كَذَلِكَ يُورَثُ قَطْعًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَصِرْ مُحَرَّرًا خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى.

(وَإِنْ أَوْصَى الذِّمِّيُّ أَنْ يَبْنِيَ دَارِهِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً لِمُعَيَّنِينَ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيُجْعَلُ تَمْلِيكًا، وَإِنْ) أَوْصَى (بِدَارِهٍ أَنْ تُبْنَى كَنِيسَةً) أَوْ بِيعَةً (فِي الْقُرَى) فَلَوْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا (لِقَوْمٍ غَيْرِ مُسَمَّيْنَ صَحَّتْ) عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ. وَلَهُ أَنَّهُمْ يُتْرَكُونَ وَمَا يَدِينُونَ فَتَصِحُّ (كَوَصِيَّةِ حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ) لَا وَارِثَ لَهُ هُنَا (بِكُلِّ مَالِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) كَذَا فِي الْوِقَايَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ ثَمَّةَ لِأَنَّهُمْ أَمْوَاتٌ فِي حَقِّنَا.

وَلَوْ أَوْصَى بِنِصْفِهِ مَثَلًا نَفَذَ وَرُدَّ بَاقِيهِ لِوَرَثَتِهِ لَا إرْثًا، بَلْ لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ فِي دَارِنَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمُسْتَأْمَنٍ مِثْلِهِ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ دَبَّرَهُ نَفَذَ مِنْ الْكُلِّ لِمَا قُلْنَا. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ جَازَ عَلَى الْأَظْهَرِ زَيْلَعِيٌّ

ــ

[رد المحتار]

زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَهِيَ مِيرَاثٌ) أَيْ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي التَّخْرِيجِ شُرُنْبُلَالِيَّةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَوَقْفٍ لَمْ يُسَجَّلْ) أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِلُزُومِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُورَثُ كَالْوَقْفِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا سَجَّلَ لَزِمَ كَالْوَقْفِ أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُوَ كَالْمَسْجِدِ) لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِمَا بَلْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ إنَّ هَذَا فِي حَقِّهِمْ كَالْمَسْجِدِ فِي حَقِّنَا وَالْمَسْجِدُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا كَذَلِكَ اهـ ح (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ كَذَلِكَ) كَمَا إذَا جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَتَحْتَهُ سِرْدَابٌ وَفَوْقَهُ بَيْتٌ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ لِمُعَيَّنِينَ) أَيْ مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ اتِّفَاقًا وَلَا يَلْزَمُهُمْ جَعْلُهَا كَنِيسَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فِي الْقُرَى) الْمُرَادُ بِالْقُرَى مَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَكَالْأَمْصَارِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبُرْجُنْدِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ غَيْرِ مُسَمَّيْنَ) بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ كَمُصْطَفَيْنَ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِيَاءَيْنِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ، فَإِنَّ الْيَاءَ الْأُولَى حُذِفَتْ بَعْدَ قَلْبِهَا أَلْفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَمْلِيكًا لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمْ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِنَفْيِ الصِّحَّةِ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُمْ يُتْرَكُونَ وَمَا يَدِينُونَ) فَإِنَّ هَذَا قُرْبَةٌ فِي اعْتِقَادِهِمْ، وَلِذَا لَوْ أَوْصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ حَقِيقَةً، مَعْصِيَةٌ فِي مُعْتَقَدِهِمْ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا لِاعْتِقَادِهِمْ. وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ الْبِنَاءَ نَفْسَهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِزَوَالِ مِلْكِ الْبَانِي، وَالْوَصِيَّةُ وُضِعَتْ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ هِدَايَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ كَوَصِيَّةِ حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ) قَيَّدَ بِهِ، لِأَنَّ وَصِيَّةَ الذِّمِّيِّ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثِهِ، وَتَجُوزُ لِذِمِّيٍّ مِنْ غَيْرِ مِلَّتِهِ لَا لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ اهـ مُلْتَقًى (قَوْلُهُ لَا وَارِثَ لَهُ هُنَا) أَيْ فِي دَارِنَا، وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ وَارِثُهُ هُنَا لَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ.

وَعَبَّرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ هَذَا الْمَفْهُومِ بِقِيلَ فَأَفَادَ ضَعْفَهُ، لَكِنْ جَزَمَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمُلْتَقَى، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ، فَيُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْمُتُونَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الشُّرُوح، وَبِهِ جَزَمَ الأتقاني مُسْتَنِدًا إلَى مَا فِي شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ، لِأَنَّ حَقَّ وَارِثِهِ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِسَبَبِ الْأَمَانِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ ثَمَّةَ شَارَكَ الْحَاضِرَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا الثُّلُثُ اهـ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْوِقَايَةِ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا وَارِثَ لَهُ هُنَا لِيُشِيرَ بِهِ إلَى مُخَالَفَةِ الزَّيْلَعِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ ثَمَّةَ) أَيْ بِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ هُنَاكَ: أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَيْ لَا يُرَاعَى حَقُّهُمْ فِي إبْطَالِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بَاقِيَهْ لِوَرَثَتِهِ) مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ أَيْ لَا لِحَقِّهِمْ، فَمِنْ حَقِّهِ تَسْلِيمُ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا إرْثًا إلَخْ) كَذَا فِي الْمِنَحِ أَوَّلَ الْوَصَايَا، وَهُوَ نَفْيٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ لِوَرَثَتِهِ، وَبَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَرُدَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّ لَهُ مُسْتَحِقًّا وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِالْكُلِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ تَصِحُّ (قَوْلُهُ لِمَا قُلْنَا) مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِوَرَثَتِهِ ثَمَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُقَابِلُهُ مَا عَنْ الشَّيْخَيْنِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ لِأَنَّهُمْ فِي دَارِهِمْ حُكْمًا حَتَّى يُمْكِنَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهَا فَصَارَتْ كَالْإِرْثِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُبْتَدَأٌ وَلِهَذَا تَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ زَيْلَعِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>