للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي (وَيَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ) وَيَخْتَارُ مَسْجِدًا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ تَيْسِيرًا لِلنَّاسِ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ كَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ خَانِيَّةٌ وَأُجْرَةُ الْمُحْضِرِ عَلَى الْمُدَّعِي هُوَ الْأَصَحُّ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا السُّلْطَانُ وَالْمُفْتِي وَالْفَقِيهُ (أَوْ) فِي (دَارِهِ) وَيَأْذَنُ عُمُومًا.

(وَيَرُدُّ هَدِيَّةً) التَّنْكِيرُ لِلتَّقْلِيلِ ابْنُ كَمَالٍ: وَهِيَ مَا يُعْطَى بِلَا شَرْطٍ إعَانَةً بِخِلَافِ الرِّشْوَةِ ابْنُ مَلَكٍ وَلَوْ تَأَذَّى الْمُهْدِي بِالرَّدِّ يُعْطِيهِ مِثْلَ قِيمَتِهَا خُلَاصَةٌ وَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ أَوْ بُعْدِ مَكَانِهِ وَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ هَدَايَاهُ لَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ خُصُوصِيَّةً وَفِيهَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْمُفْتِي وَالْوَاعِظِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُهْدَى إلَى الْعَالِمِ لِعِلْمِهِ بِخِلَافِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلَ مُحَمَّدٍ لِفَسَادِ الزَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: وَيَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِحَضْرَةِ الْمُشْرِكِ وَهُوَ نَجَسٌ بِالنَّصِّ وَقَدْ طَالَ فِي الْفَتْحِ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِلْمَذْهَبِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا نَجَاسَةُ الْمُشْرِكِ فَفِي الِاعْتِقَادِ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَالْحَائِضُ يَخْرُجُ إلَيْهَا أَوْ يُرْسِلُ نَائِبَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي دَابَّةٍ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَدْبِرُ) أَيْ نَدْبًا كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ ط. مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ الْمُحْضِرِ.

(قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْمُحْضِرِ إلَخْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ هُوَ مَنْ يُحْضِرُ الْخَصْمَ، وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ هَكَذَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيَسْتَعِينُ بِأَعْوَانِ الْوَالِي عَلَى الْإِحْضَارِ، وَأُجْرَةُ الْأَشْخَاصِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ عَلَى الْمُتَرَدِّدِ فِي الْمِصْرِ وَمِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ إلَى دِرْهَمٍ وَفِي خَارِجِهِ لِكُلِّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ، وَأُجْرَةُ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْمُشَخِّصُ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِمُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ، وَالْإِشْخَاصُ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الْإِحْضَارِ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُحْضِرِ وَبَيْنَ الْمُلَازِمِ، وَهَذَا غَيْرُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مُؤْنَةُ الْمُشَخِّصِ قِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْأَصَحِّ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ اهـ، وَهَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أُجْرَةَ الْمُشَخِّصِ بِمَعْنَى الْمُلَازِمِ عَلَى الْمُدَّعِي وَبِمَعْنَى الرَّسُولِ الْمُحْضِرِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ تَمَرَّدَ بِمَعْنَى امْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي، هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارِهِ) لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَكَانٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ وَفِي وَسَطِ الْبَلَدِ كَالْمَسْجِدِ نَهْرٌ.

[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ هَدِيَّةً) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ «قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا» قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ الْهَدِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدِيَّةٌ وَالْيَوْمَ رِشْوَةٌ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدِمَ بِمَالٍ فَقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا؟ قَالَ: تَلَاحَقَتْ الْهَدَايَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ هَلَّا قَعَدَتْ فِي بَيْتِك، فَتَنْظُرَ أَيُهْدَى لَك أَمْ لَا فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَتَعْلِيلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْهَدِيَّةِ الَّتِي سَبَبُهَا الْوِلَايَةُ فَتْحٌ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَذِكْرُ الْهَدِيَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاضُ وَالِاسْتِعَارَةُ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ، فَتَحْرُمُ الْمُحَابَاةُ أَيْضًا، وَلِذَا قَالُوا لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ. فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَابَاةٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ شِرَاءِ الْهِدَايَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ أَوْ بَيْعِ الصَّكِّ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ لَا يَحِلُّ وَكَذَا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ حِينَ أَخْذِ الْمَحْصُولِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُ بِهِ الدَّافِعُ دَوَاةً أَوْ سِكِّينًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ الِاسْتِقْرَاضُ وَالِاسْتِعَارَةُ فَهَذَا أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْفَتْحِ إلَى شَرْحِ الْأَقْطَعِ.

(قَوْلُهُ: وَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ إلَى أَنْ يَحْضُرَ صُلْبُهَا فَتُدْفَعَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>