للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِي الْيَدِ (وَلَمْ يَعْمَلْ) الْمُوَلَّى (بِقَوْلِ الْمَعْزُولِ) لِالْتِحَاقِهِ بِالرَّعَايَا وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَا تُقْبَلُ خُصُوصًا بِفِعْلِ نَفْسِهِ دُرَرٌ وَمُفَادُهُ رَدُّهَا وَلَوْ مَعَ آخَرَ نَهْرٌ. قُلْت: لَكِنْ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَبُولِهَا وَتَبِعَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فَتَنَبَّهْ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ) أَيْ الْمَعْزُولَ (سَلَّمَهَا) أَيْ الْوَدَائِعَ وَالْغَلَّاتِ (إلَيْهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَنَّهَا لِزَيْدٍ إلَّا إذَا بَدَأَ ذُو الْيَدِ بِالْإِقْرَارِ لِلْغَيْرِ ثُمَّ أَقَرَّ بِتَسْلِيمِ الْقَاضِي إلَيْهِ فَأَقَرَّ الْقَاضِي بِأَنَّهَا لِآخَرَ فَيُسَلِّمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ لِلْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي يُسَلِّمُهُ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهَا لِيَتِيمِ فُلَانٍ أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنَّ هَذِهِ الْغَلَّةَ لِوَقْفِ فُلَانٍ، وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِهِمْ وَمِنْ أَنَّ الْكُلَّ تَحْتَ يَدِ أَمِينِ الْقَاضِي، وَفِي زَمَانِنَا أَمْوَالُ الْأَوْقَافِ تَحْتَ يَدِ نُظَّارِهَا وَوَدَائِعُ الْيَتَامَى تَحْتَ يَدِ الْأَوْصِيَاءِ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَعْزُولَ وَضَعَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ عَمِلَ الْقَاضِي بِمَا ذَكَرَ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: الْمُوَلَّى) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ الْقَاضِي الْجَدِيدُ.

(قَوْلُهُ: دُرَرٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ خُصُوصًا بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَقَدْ رَأَيْته صَرِيحًا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَنَصُّهُ وَإِذَا عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ، ثُمَّ قَالَ: كُنْت قَضَيْت لِهَذَا عَلَى هَذَا بِكَذَا وَكَذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيهِ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ سِوَاهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمَبْسُوطِ.

(قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ) أَيْ فِي فَتَاوَاهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي بَحْرِهِ، فَقَدْ عَلِمْت مُوَافَقَتَهُ لِمَا فِي النَّهْرِ وَعِبَارَةُ فَتَاوَاهُ الَّتِي رَتَّبَهَا لَهُ تِلْمِيذُهُ الْمُصَنِّفُ هَكَذَا سُئِلَ عَنْ الْحَاكِمِ إذَا أَخْبَرَ حَاكِمَا آخَرَ بِقَضِيَّةٍ هَلْ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِهِ وَيَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ مَعَهُ؟ أَجَابَ: لَا يَكْتَفِي بِإِخْبَارِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ مَعَهُ قَالَ الْمُرَتِّبُ لِهَذِهِ الْفَتَاوَى، وَقَدْ تَبِعَ شَيْخُنَا فِي ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ قَالَا بِقَبُولِ إخْبَارِهِ عَنْ إقْرَارِهِ بِشَيْءٍ مُطْلَقًا إذَا كَانَ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَوَافَقَهُمَا مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِضَمِّ رَجُلٍ آخَرَ عَدْلٍ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، ثُمَّ صَحَّ رُجُوعُهُ قَوْلَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَنْ شَيْءٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ كَالْحَدِّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، وَعَدَلُوا أَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا انْتَهَى كَلَامُهُ، انْتَهَى مَا فِي الْفَتَاوَى.

أَقُولُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ إقْرَارِ رَجُلٍ بِمَا لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ مَثَلًا يُقْبَلُ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا وَوَافَقَهُمَا مُحَمَّدٌ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَهُ آخَرُ ثُمَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا بِالْقَبُولِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ حُكْمِهِ بِثُبُوتِ حَقٍّ بِالْبَيِّنَةِ، فَعَلَى هَذَا لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْقَاضِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَنَا فِي الْمَعْزُولِ وَهَذَا فِي الْمُوَلَّى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَكَذَا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ قَاضٍ عَدْلٌ قَضَيْت عَلَى هَذَا بِالرَّجْمِ إلَخْ وَبِهِ يُشْعِرُ أَصْلُ السُّؤَالِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْحَاكِمِ وَعِبَارَةُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ كَذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى مَا فِي النَّهْرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْمَعْزُولِ وَشَمِلَ ثَلَاثَ صُوَرٍ مَا إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ بَعْدَ إقْرَارٍ بِتَسْلِيمِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ إلَيْهِ أَنَّهَا لِزَيْدٍ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَعْزُولُ أَوْ قَالَ: إنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ مُودِعُ الْمَعْزُولِ، وَيَدُ الْمُودِعِ كَيَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي يَدِ الْمَعْزُولِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ ذُو الْيَدِ التَّسْلِيمَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَعْزُولِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: فَيُسَلِّمُ لِمُقِرٍّ لَهُ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَزِمَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا هُوَ فِي يَدِهِ فَلَمَّا قَالَ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْقَاضِي، وَالْقَاضِي يُقِرُّ بِهِ لِآخَرَ فَيَصِيرُ هُوَ بِإِقْرَارِهِ مُتْلِفًا لِذَلِكَ عَلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ الْقَاضِي فَتْحٌ ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ يُنَاسِبُ هَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَهُمَا وَيُعْتَبَرُ قَوْلُ الْقَاضِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُقْبَلُ وَيَنْفُذُ ذَلِكَ اهـ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَجَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>