للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَنَظَرَ فِي حَالِ الْمَحْبُوسِينَ) فِي سِجْنِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْمَحْبُوسُونَ فِي سِجْنِ الْوَالِي فَعَلَى الْإِمَامِ النَّظَرُ فِي أَحْوَالِهِمْ فَمَنْ لَزِمَهُ أَدَبٌ أَدَّبَهُ وَإِلَّا أَطْلَقَهُ وَلَا يُبَيِّتُ أَحَدًا فِي قَيْدٍ إلَّا رَجُلًا مَطْلُوبًا بِدَمٍ وَنَفَقَةٍ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ بَحْرٌ (فَمَنْ أَقَرَّ) مِنْهُمْ (بِحَقٍّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَلْزَمَهُ) الْحَبْسَ ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ وَقِيلَ الْحَقُّ (وَإِلَّا نَادَى عَلَيْهِ) بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ أَطْلَقَهُ بِكَفِيلٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَبَى نَادَى عَلَيْهِ شَهْرًا ثُمَّ أَطْلَقَهُ (وَعَمِلَ فِي الْوَدَائِعِ وَغَلَّاتِ الْوَقْفِ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ)

ــ

[رد المحتار]

لِلْخَصْمِ. بَحْرٌ مُلَخَّصًا وَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ؛ لِأَنَّ الدِّيوَانَ وُضِعَ لِيَكُونَ حُجَّةً عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيُجْعَلَ فِي يَدِهِ وَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ، وَمَا فِي يَدِ الْخَصْمِ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْأَوْرَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا إلَى الْجَدِيدِ، وَكَذَا لَوْ مِنْ مَالِ الْخُصُومِ أَوْ مِنْ مَالِ الْقَاضِي فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ وَضَعُوهَا فِي يَدِ الْقَاضِي لِعَمَلِهِ وَكَذَا الْقَاضِي يَحْمِلُ عَلَى أَنَّهُ عَمِلَ ذَلِكَ تَدَيُّنًا لَا تَمَوُّلًا وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ، [تَنْبِيهٌ] مُفَادُ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ لِيَكُونَ حُجَّةً عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجَدِيدِ الِاعْتِمَادُ عَلَى سِجِلِّ الْمَعْزُولِ مَعَ أَنَّهُ يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمَعْزُولِ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يَعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ، لَكِنْ قَالَ الْبِيرِيُّ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَعْتَمِدُ أَيْ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ مِمَّا يُزَوَّرُ وَيُفْتَعَلُ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَيْسَ مِنْهُ مَا فِي الْأَجْنَاسِ بِنَصٍّ وَمَا وَجَدَهُ الْقَاضِي بِأَيْدِي الْقُضَاةِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ لَهَا رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ أُجْرِيَتْ عَلَى الرُّسُومِ الْمَوْجُودَةِ فِي دَوَاوِينِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهَا قَدْ مَاتُوا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْحُكْمِ إلَى دَوَاوِينِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَمِنْ الْأُمَنَاءِ اهـ، أَيْ لِأَنَّ سِجِلَّ الْقَاضِي لَا يُزَوَّرُ عَادَةً، وَحَيْثُ كَانَ مَحْفُوظًا عِنْدَ الْأُمَنَاءِ، بِخِلَافِ مَا كَانَ بِيَدِ الْخَصْمِ وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ كِتَابٌ فِي سِجِلِّ الْقُضَاةِ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمْ اتَّبَعَ مَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا إذَا تَنَازَعَ أَهْلُهُ فِيهِ، وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِمَا فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ اسْتِحْسَانٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ ضَرُورَةً إحْيَاءُ الْأَوْقَافِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ بِخِلَافِ السِّجِلِّ الْجَدِيدِ، لِإِمْكَانِ الْوَقْفِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا فِيهِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ أَوْ الْبَيِّنَةِ، فَلِذَا لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ، وَلِيَكُونَ حُجَّةً عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعْنَاهُ عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُ هِبَةُ اللَّهِ الْبَعْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ بَعْدَ مَا مَرَّ عَنْ الْبِيرِيِّ مِنْ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْحُجَّةِ، وَإِنْ مَاتَ شُهُودُهَا حَيْثُ كَانَ مَضْمُونُهَا ثَابِتًا فِي السِّجِلِّ الْمَحْفُوظِ اهـ. لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِتَقَادُمِ الْعَهْدِ كَمَا قُلْنَا تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ، وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْخَطِّ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي دَعْوَى تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِي حَالِ الْمَحْبُوسِينَ إلَخْ) بِأَنْ يَبْعَثَ إلَى السِّجِلِّ مَنْ يَعُدُّهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ثُمَّ يَسْأَلُ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِمْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ سَبَبُ وُجُوبِ حَبْسِهِمْ وَثُبُوتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ يَعْتَمِدُهَا الثَّانِي فِي حَبْسِهِمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَبْقَ حُجَّةٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَطْلَقَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَضِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ النَّهْرِ عَنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الدَّعَارَةِ وَالتَّلَصُّصِ وَالْجِنَايَاتِ، وَلَزِمَهُ أَدَبٌ أَدَّبَهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَضِيَّةٌ خَلَّى سَبِيلَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَشْهَدَ بِأَصْلِ الْحَقِّ أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَلْزَمَهُ الْحَبْسَ) أَيْ أَدَامَ حَبْسَهُ، بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْحَقُّ) قَائِلُهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: مَنْ اعْتَرَفَ بِحَقٍّ أَلْزَمَهُ إيَّاهُ وَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ، وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَ الْمَعْزُولِ بِالزِّنَا لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ، بَلْ يَسْتَقْبِلُ الْأَمْرَ فَإِنْ أَقَرَّ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ حَدَّهُ اهـ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْحَقِّ حَقُّ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بَلْ ادَّعَى أَنَّهُ حُبِسَ ظُلْمًا نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: نَادَى عَلَيْهِ) وَيَقُولُ الْمُنَادِي: مَنْ كَانَ يُطَالِبُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ بِحَقٍّ فَلْيَحْضُرْ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) عَنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَقَالَ: لَا كَفِيلَ لِي بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: نَادَى عَلَيْهِ شَهْرًا) أَيْ يَسْتَأْنِفُهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُنَادَاةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: فِي الْوَدَائِعِ) أَيْ وَدَائِعِ الْيَتَامَى نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ) أَيْ يُقِيمُهَا الْوَصِيُّ مَثَلًا عَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>