فُرُوعٌ]
وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةٍ أَحَدُهُمْ بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَالْآخَرُ بِثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا فَاخْتَلَطَتْ حَتَّى لَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ شَاتَه بِعَيْنِهَا وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً يُضَحِّي أَجْزَأَتْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْهُ أَجْزَأَتْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ ضَحَّى أُضْحِيَّةً غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ يَنَابِيعُ.
(وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً
[فُرُوعٌ]
(قَوْلُهُ فُرُوعٌ) جَمَعَهَا نَظَرًا إلَى صُورَتَيْ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَاسَهَا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً) وَأَوْجَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَاتَه تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ لُزُومِ التَّصَدُّقِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا) فَلَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ تَصَدَّقَ بِاعْتِبَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَعْرِفُ كُلٌّ شَاتَه) بِأَنْ كَانُوا فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا، وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّمْيِيزِ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ بَعِيدٌ كَمَا قَالَهُ ط (قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَبَحَ مَا اُشْتُرِيَتْ بِعَشَرَةٍ وَكَذَا صَاحِبُ الْعِشْرِينَ، فَيَتَصَدَّقُ بِعَشَرَةٍ لِيَبْرَأَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقِينًا عَمَّا أَوْجَبَهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْعَشَرَةِ فَأَيًّا ذَبَحَ بَرِئَ يَقِينًا
(قَوْلُهُ أَجْزَأَتْهُ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ كُلُّ مَنْ ذَبَحَ مِنْهُمْ شَاةَ غَيْرِهِ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ضَحَّى أُضْحِيَّةً غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَظْهَرُ التَّشْبِيهُ إلَّا بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ غَيْرٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةَ إلَخْ) هَذَا فِي الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ سَوَاءٌ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِالنَّذْرِ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يُطْعِمُ غَنِيًّا سَوَاءٌ كَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا لِأَنَّ سَبِيلَهَا التَّصَدُّقُ وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ زَيْلَعِيٌّ، وَأَرَادَ بِالْأُضْحِيَّةِ السُّنَّةِ أُضْحِيَّةَ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهَا تَقَعُ مِنْهُ سُنَّةً قُبَيْلَ قَوْلِ الْكَنْزِ، وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْهُ وَاجِبَةً وَلَا سُنَّةً بَلْ تَطَوُّعًا مَحْضًا، وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهَا تَكُونُ تَطَوُّعًا وَهِيَ أُضْحِيَّةُ الْمُسَافِرِ وَالْفَقِيرِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النَّذْرُ بِهَا وَلَا الشِّرَاءُ لِلْأُضْحِيَّةِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشَرْطِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ التَّطَوُّعَ تَأَمَّلْ. ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا. وَذَكَرَ أَبُو السُّعُودِ أَنَّ شِرَاءَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا اهـ. أَقُولُ: التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَمُفَادُهُ مَا ذُكِرَ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَنْ الْفَقِيرِ إذَا اشْتَرَى شَاةً لَهَا هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ؟ قَالَ نَعَمْ.
وَقَالَ الْقَاضِي بُرْهَانُ الدِّينِ لَا يَحِلُّ اهـ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا ذَبَحَهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ شَاةً بِعَيْنِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لِيُضَحِّيَ بِهَا فَمَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا لِانْتِقَالِ الْوَاجِبِ مِنْ الْإِرَاقَةِ إلَى التَّصَدُّقِ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ وَلَمْ يَشْتَرِ وَهُوَ مُوسِرٌ تَصَدَّقَ بِالْقِيمَةِ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مُفَادَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْغَنِيَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْمَنْذُورَةِ إذَا قَصَدَ بِنَذْرِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ هُنَا النَّذْرُ ابْتِدَاءً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ مِنْهَا هِيَ الْمَنْذُورَةُ ابْتِدَاءً وَاَلَّتِي وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَاَلَّتِي ضَحَّى بِهَا عَنْ الْمَيِّتِ بِأَمْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَالْوَاجِبَةُ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَارَّيْنِ وَاَلَّذِي وَلَدَتْهُ الْأُضْحِيَّةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَبْعَةٍ نَوَى بَعْضُهُمْ بِحِصَّتِهِ الْقَضَاءَ عَنْ الْمَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا، فَهَذِهِ كُلُّهَا سَبِيلُهَا التَّصَدُّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute