للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ يَهْلِكُ بِهِ أَيْضًا (لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ) عَلَيْهِ (ثُمَّ هَلَكَ) الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ لِتَوَهُّمِ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى قِيَامِهِ فَتَكُونُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَاقِيَةً، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الدَّيْنَ أَصْلًا.

(كُلُّ حُكْمٍ) عُرِفَ (فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ فَهُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ) كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

قَالَ: وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ.

وَفِيهَا أَيْضًا (وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّهْنُ مَالًا وَالْمُقَابِلُ بِهِ مَضْمُونًا إلَّا أَنَّهُ فَقَدَ بَعْضَ شَرَائِطِ الْجَوَازِ) كَرَهْنِ الْمَشَاعِ (يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ) لِوُجُودِ شَرْطِ الِانْعِقَادِ لَكِنْ (بِصِفَةِ الْفَسَادِ) كَالْفَاسِدِ مِنْ الْبُيُوعِ (وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ) الرَّهْنُ (كَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ الْمُقَابِلُ بِهِ مَضْمُونًا (لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلًا) وَحِينَئِذٍ (فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ) بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدَّيْنِ وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ غُرَمَاءُ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ.

[فَرْعٌ] رَهْنُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي الْعَارِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْوَهْبَانِيَّةِ: وَفِي مُعَايَاتِهَا قَالَ:

وَأَيُّ رَهِينٍ لَا يُرَامُ انْفِكَاكَهُ ... وَمَجْنِيُّهُ لَوْ مَاتَ بِالْمَوْتِ يُشْطَرُ

-

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: قَدَّمَ الشَّارِحُ أَوَّلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْبَعْضِ فَسَدَ فِي الْكُلِّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَهْلِكُ بِهِ مُغْنٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ لِتَوَهُّمِ وُجُوبِ الدَّيْنِ إلَخْ) لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ، وَقَدْ بَقِيَتْ الْجِهَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى عَدَمِهِ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِهِ دُرَرٌ لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ عَنْ مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لَوْ تَصَادَقَا قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ ثُمَّ هَلَكَ يَهْلِكُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ بِتَصَادُقِهِمَا يَنْتَفِي الدَّيْنُ مِنْ الْأَصْلِ، وَضَمَانُ الرَّهْنِ لَا يَبْقَى بِدُونِ الدَّيْنِ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ اهـ.

وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هَلَاكَهُ مَضْمُونًا فِي الصُّورَتَيْنِ سَعْدِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ) أَيْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ، فَلَوْ نَقَضَ الرَّاهِنُ الْعَقْدَ بِحُكْمِ الْفَسَادِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَرْهُونِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ مَا قَبَضَ، وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ بِدَيْنٍ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ مَا اسْتَفَادَ تِلْكَ الْيَدَ بِمُقَابَلَةِ هَذَا الْمَالِ وَيَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَحَلِّ يَدٌ مُسْتَحَقَّةٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ) صَوَابُهُ لَا يَتَعَلَّقُ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْكَرْخِيِّ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يَهْلِكُ أَمَانَةً.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ إصْرَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَصَحُّ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا نَقَضَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعْصِيَةُ، وَحَبَسَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ لَا يَكُونُ إصْرَارًا لِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَبَضَ، فَإِذَا امْتَنَعَ فَهُوَ الْمُصِرُّ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِلْمُشْتَرِي الْحَبْسَ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَالًا) كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ لِلرَّاهِنِ أَخْذَهُمَا لِأَنَّ رَهْنَهُمَا بَاطِلٌ مِنَحٌ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمُقَابِلُ بِهِ مَضْمُونًا) كَمَا لَوْ رَهَنَ عَيْنًا بِخَمْرِ مُسْلِمٍ فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْهُ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فَلَوْ فَقَدَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلُّ حُكْمٍ إلَخْ. ط

[فَرْعٌ رَهْن الرَّهْن]

(قَوْلُهُ رَهْنُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ) أَيْ إذَا رَهَنَهُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنٍ، فَلَوْ بِإِذْنٍ صَحَّ الثَّانِي وَبَطَلَ الْأَوَّلُ، وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي الْعَارِيَّةِ) حَيْثُ قَالَ فِيهَا.

وَأَمَّا الرَّهْنُ فَكَالْوَدِيعَةِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْعَارِيَّةِ: وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ كَالْوَدِيعَةِ اهـ ط. (قَوْلُهُ وَمَجْنِيُّهُ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَيُّ جَانٍ وَضَمِيرُ يُشْطَرُ يَعُودُ إلَى الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ ط.

قَالَ ح: يَعْنِي أَيُّ جَانٍ إذَا مَاتَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ يَجِبُ شَطْرُ الدِّيَةِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>