للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ السَّلَمِ (هُوَ) لُغَةً كَالسَّلَفِ وَزْنًا وَمَعْنًى وَشَرْعًا (بَيْعُ آجِلٍ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِعَاجِلٍ) وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ (وَرُكْنُهُ رُكْنُ الْبَيْعِ) حَتَّى يَنْعَقِدَ بِلَفْظِ بَيْعٍ فِي الْأَصَحِّ (وَيُسَمَّى صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسْلِمُ) بِكَسْرِ اللَّامِ (وَ) يُسَمَّى (الْآخَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَالْحِنْطَةُ مَثَلًا الْمُسْلَمُ فِيهِ) وَالثَّمَنُ رَأْسُ الْمَالِ

(وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلِرَبِّ السَّلَمِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ

(وَيَصِحُّ فِيمَا أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهِ) كَجَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ (وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ (مُثَمَّنٍ) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ فَلَمْ يَجُزْ فِيهَا السَّلَمُ خِلَافًا لِمَالِكٍ

ــ

[رد المحتار]

وَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحَ النَّقْلِ غَيْرَ مَا هُنَا لَكِنْ مُجَرَّدُ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجِبُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَفَسْخَهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهَا.

[خَاتِمَةٌ] لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ أَجَبْت بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الشِّرَاءِ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لَا بِمَا ضَمِنَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ الْقِيمَةَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ رَدَّ الْقِيمَةِ كَرَدِّ الْعَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ السَّلَمِ]

ِ شُرُوعٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ قَبْضُهُمَا كَالصَّرْفِ، وَقَدَّمَ السَّلَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ مِنْ الْمُرَكَّبِ رَخَّصَ بِاسْمِ السَّلَمِ لِتَحْقِيقِ إيجَابِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فِيمَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَعْنِي تَسْلِيمَ رَأْسِ الْمَالِ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لُغَةً (قَوْلُهُ بَيْعُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ) كَذَا عَرَّفَهُ فِي الْفَتْحِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى مَا فِي السِّرَاجِ وَالْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ: بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، وَالْأَصْلُ أَخْذُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ. قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ الْقَلْبَ لَا يَسُوغُ لِغَيْرِ الْبُلَغَاءِ لِأَجْلِ نُكْتَةٍ بَيَانِيَّةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي التَّعَارِيفِ، وَيَظْهَرُ لِي الْجَوَابُ بِأَنَّهُ نَاظِرٌ إلَى ابْتِدَائِهِ مِنْ جَانِبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَيْ أَخْذُ ثَمَنٍ عَاجِلٍ، وَيُؤَيِّدُهُ كَوْنُ السَّلَمِ كَالسَّلَفِ مُشْعِرًا بِالتَّقَدُّمِ أَوْ لَا، فَالْمُنَاسِبُ الِابْتِدَاءُ بِالْعَاجِلِ وَهُوَ الثَّمَنُ ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ عَنْ الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَخْذُ ثَمَنٍ عَاجِلٍ بِآجِلٍ بِقَرِينَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إذَا الْأَصْلُ هُوَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِدَلِيلٍ اهـ. وَيَظْهَرُ لِي أَيْضًا أَنَّ الْأَوْلَى فِي تَعْرِيفِهِ أَنْ يُقَالَ شِرَاءُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ لِأَنَّ السَّلَمَ اسْمٌ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِسْلَامَ صِفَةٌ، فَهُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ أَصَالَةً وَلِذَا سَمَّوْهُ رَبَّ السَّلَمِ أَيْ صَاحِبَهُ، فَالْمُنَاسِبُ بِنَاءُ التَّعْرِيفِ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ الشِّرَاءُ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ الصَّادِرِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ الْأَخْذُ لِعَدَمِ إشْعَارِ اشْتِقَاقِ اللَّفْظِ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ رُكْنُ الْبَيْعِ) مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْعَقِدَ إلَخْ) وَكَذَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَلَمْ يَحْكِ فِي الْقُنْيَةِ فِيهِ خِلَافًا نَهْرٌ

(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِيمَا أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهِ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَهُوَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْوَصْفِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ بِهِ يَكُونُ مَجْهُولًا جَهَالَةً تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، فَلَا يَجُوزُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) فَلَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا كَمَا إذَا أَسْلَمَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالْمِيزَانِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ لِوُجُودِ الضَّبْطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَوْزُونِ كَيْلًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجُزْ فِيهَا السَّلَمُ) لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>