إلَّا إذَا تَعَمَّدَ الْفَسَادَ فَيَضْمَنُ كَالْمُودِعِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى ظِئْرٍ فِي صَبِيٍّ ضَاعَ فِي يَدِهَا أَوْ سَرَقَ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْحُلِيِّ لِكَوْنِهَا أَجِيرَ وَحْدٍ وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى حَارِسِ السُّوقِ وَحَافِظِ الْخَانِ
ــ
[رد المحتار]
الْغَنَمَ فَنَطَحَ أَوْ وَطِئَ بَعْضُهَا بَعْضًا مِنْ سَوْقِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّعْيُ مُشْتَرَكًا ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ لِقَوْمٍ شَتَّى وَهُوَ أَجِيرُ أَحَدِهِمْ. وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَإِنْ كَانَتْ الْأَغْنَامُ لِوَاحِدٍ لَا ضَمَانَ وَإِنْ لِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ضَمِنَ. وَصُورَةُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى غَنَمًا لَهُمَا أَوْ لَهُمْ اهـ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَقَدْ فَرَّقَ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ أَوْ لِغَيْرِ وَاحِدٍ يَحْفَظُ هَذَا جِدًّا اهـ.
قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْوَحْدِ عُمُومًا مُطْلَقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ شَيْءٌ فِي سَقْيٍ أَوْ رَعْيٍ وَلَوْ ذَبَحَهَا الرَّاعِي أَوْ الْأَجْنَبِيُّ ضَمِنَ لَوْ رَجَى حَيَاتَهَا أَوْ أُشْكِلَ أَمْرُهَا، وَلَوْ تَيَقَّنَ مَوْتَهَا لَا لِلْإِذْنِ دَلَالَةً هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَا يُذْبَحُ الْحِمَارُ وَلَا الْبَغْلُ إذْ لَا يَصْلُحُ لَحْمُهُمَا وَلَا الْفَرَسُ عِنْدَهُ لِكَرَاهَتِهِ تَحْرِيمًا، وَلَوْ قَالَ: ذَبَحْتُهَا لِمَرَضِهَا لَمْ يُصَدَّقْ إنْ كَذَّبَهُ لِإِقْرَارِهِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَيُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِسِمَةِ مَا هَلَكَ اهـ مُلَخَّصًا. أَيْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (قَوْلُهُ كَالْمُودِعِ) أَيْ إذَا تَعَمَّدَ الْفَسَادَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ط.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا أَجِيرَ وَحْدٍ) قَالَ أَبُو السُّعُودِ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ فِي الظِّئْرِ تَعَارَضَتْ، فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى أَجِيرِ الْوَحْدِ كَقَوْلِهِمْ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ، وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُشْتَرَكِ كَقَوْلِهِمْ: إنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ إذَا أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لَهُمَا. قَالَ الأتقاني: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ دَفَعَ الْوَلَدَ إلَيْهَا لِتُرْضِعَهُ فَهِيَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَإِنْ حَمَلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَهِيَ أَجِيرُ وَحْدٍ اهـ مُلَخَّصًا ط.
[مَطْلَبٌ فِي الْحَارِسِ وَالْخَانَاتِيِّ] ١
ِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى حَارِسِ السُّوقِ وَحَافِظِ الْخَانِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحِفْظِ خَانٍ أَوْ حَوَانِيتَ فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ: قِيلَ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَوْ ضَاعَ مِنْ خَارِجِ الْحُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقِيلَ لَا فِي الصَّحِيحِ، وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ فِي صُنْعٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ ضَاعَ مِنْ دَاخِلِهَا بِأَنْ نَقَّبَ اللِّصُّ فَلَا يَضْمَنُ الْحَارِسُ فِي الْأَصَحِّ إذْ الْأَمْوَالُ الْمَحْفُوظَةُ فِي الْبُيُوتِ فِي يَدِ مَالِكِهَا وَحَارِسُ السُّوقِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ اهـ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَالَ فِي الْحَامِدِيَّةِ: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَسَرَ قُفْلَ الدُّكَّانِ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ يَضْمَنُ الْحَارِسُ اهـ.
قُلْتُ: إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ فَلَا لِمَا سَمِعْتُ مِنْ الْمُفْتَى لَهُ نَعَمْ بِشَكْلِ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ التتارخانية وَالذَّخِيرَةِ فِي الرَّاعِي لَوْ كَانَ خَاصًّا لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يَضْمَنُ فَلْيُتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا كُسِرَ الْقُفْلُ يَكُونُ بِنَوْمِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ فَيَضْمَنُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ فَكَأَنَّهُمْ اسْتَأْجَرُوهُ وَلَكِنَّ هَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ رَئِيسَهُمْ وَيَحِلُّ لَهُ الْأُجْرَةُ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ كَرِهُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute