للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ حَشِيشٌ، أَمَّا السُّكْرُ مِنْهُ فَحَرَامٌ.

(أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ فَهَرَبَ) ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ التَّقَادُمِ لَا يُحَدُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ.

(وَ) لَوْ (شَرِبَ) أَوْ زَنَى (ثَانِيًا يُسْتَأْنَفُ الْحَدُّ) لِتَدَاخُلِ الْمُتَّحِدِ كَمَا سَيَجِيءُ.

[فَرْعٌ]

سَكْرَانُ أَوْ صَاحَ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَصَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ، إنْ قَادِرًا عَلَى مَنْعِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا مُصَنِّفُ عِمَادِيَّةٍ.

بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ هُوَ لُغَةً الرَّمْيُ. وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِالْإِجْمَاعِ فَتْحٌ،

ــ

[رد المحتار]

فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ الْقَلِيلِ مِنْهَا جَائِزٌ، بِخِلَافِ الْقَدْرِ الْمُضِرِّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، فَافْهَمْ وَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَشِيشٌ) لَا مَعْنَى لِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْعِنَايَةِ. اهـ. ح.

قُلْت: وَكَذَا لَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ النَّهْرِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا قُلْنَاهُ، فَالْمُرَادُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ مِنْ الْجَامِدَاتِ لَا مِنْ الْمَائِعَاتِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ قَلِيلَهَا حَرَامٌ أَوْ لَا فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ الزِّنَا أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الشُّرْبِ كَمَا فِي الْكَافِي. قُلْت: وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ ثُمَّ أُخِذَ إلَخْ) أَقْحَمَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُصَنِّفِ إشَارَةً إلَى أَنَّ اسْتِئْنَافَ الْحَدِّ لِلشُّرْبِ الثَّانِي لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ، فَحَوَّلَ الْعِبَارَةَ عَنْ أَصْلِهَا وَكَمَّلَهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا وَأَتَى بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرِبَ إلَخْ لِيَجْعَلَهُ مَسْأَلَةً مُسْتَأْنَفَةً.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الصِّنَاعَةِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ السَّابِقِ: وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَاكَ: إنَّ التَّقَادُمَ كَمَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الِابْتِدَاءِ يَمْنَعُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، حَتَّى لَوْ هَرَبَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ مَا تَقَادَمَ الزَّمَانِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ. قُلْت: لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، فَإِنَّ التَّقَادُمَ مُقَدَّرٌ فِيهِمَا بِشَهْرٍ كَمَا مَرَّ، أَمَّا فِي حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ عِنْدَهُمَا بِزَوَالِ الرَّائِحَةِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِشَهْرٍ أَيْضًا وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُمَا كَمَا مَرَّ وَقِيَامُ الرَّائِحَةِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ عِنْدَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ إلَّا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، وَلَا يُحَدُّ إلَّا بَعْدَ الصَّحْوِ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا قِيَامَ الرَّائِحَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ بَلْ الصَّحْوُ مَظِنَّةُ زَوَالِهَا، فَإِذَا كَانَ عَدَمُ إكْمَالِ الْحَدِّ بِسَبَبِ زَوَالِ الرَّائِحَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يُقَامَ الْحَدُّ إلَّا مَعَ قِيَامِ الرَّائِحَةِ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ.

فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا أَيْضًا بِأَنْ تُفْرَضَ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالشُّرْبِ فَهَرَبَ؛ لِأَنَّ التَّقَادُمَ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ عِنْدَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ لِرُجُوعِ الْمَحْذُورِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُحَدُّ إلَّا إذَا بَقِيَتْ الرَّائِحَةُ مَوْجُودَةً وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ إقْرَارِهِ الصَّادِرِ عِنْدَ قِيَامِ الرَّائِحَةِ، وَأَيْضًا فَالْهَرَبُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهُ إلَى التَّقَادُمِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِبَ أَوْ زَنَى ثَانِيًا) أَيْ قَبْلَ إكْمَالِ الْحَدِّ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ أَوْ قَبْلَ إقَامَةِ شَيْءٍ مِنْهُ. فَفِي الصُّورَتَيْنِ يُحَدُّ حَدًّا كَامِلًا بَعْدَ الْفِعْلِ الْأَخِيرِ، وَيَدْخُلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الشُّرْبِ فَشَرِبَ ثَانِيًا أَوْ حَدُّ الزِّنَا فَزَنَى ثَانِيًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلثَّانِي حَدًّا آخَرَ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَسَيَجِيءُ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْقَذْفِ

[فَرْعٌ سَكْرَانُ أَوْ صَاحٍ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَصَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ]

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ مُصَنِّفُ عِمَادِيَّةٍ) أَيْ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ ح

[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

ِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا) الْأَوْلَى مَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ نِسْبَةُ الْمُحْصَنِ إلَى الزِّنَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً إذْ الْحَدُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُحْصَنِ نَهْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>