للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ الْوِلَايَةُ لِقَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ فَالْعِبْرَةُ لِلْمُدَّعِي، نَعَمْ لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ إجَابَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَ اعْتِبَارُهُ لِعَزْلِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَمَا مَرَّ مِرَارًا.

قُلْت: وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ قَاضٍ عَلَى مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ حَنَفِيٌّ وَشَافِعِيٌّ وَمَالِكِيٌّ وَحَنْبَلِيٌّ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْخِلَافُ فِي إجَابَةِ الْمُدَّعِي لِمَا أَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَامِشِ الْبَزَّازِيَّةِ فَلْيُحْفَظْ.

(وَرُكْنُهَا إضَافَةُ الْحَقِّ إلَى نَفْسِهِ) لَوْ أَصِيلًا كَلِيِّ عَلَيْهِ كَذَا (أَوْ) إضَافَتُهُ (إلَى مَنْ نَابَ) الْمُدَّعِي (مَنَابَهُ) كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ (عِنْدَ النِّزَاعِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِضَافَةِ الْحَقِّ.

(وَأَهْلُهَا الْعَاقِلُ الْمُمَيِّزُ) وَلَوْ صَبِيًّا لَوْ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ وَإِلَّا لَا أَشْبَاهٌ.

[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

(وَشَرْطُهَا) أَيْ شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى (مَجْلِسُ الْقَضَاءِ وَحُضُورُ خَصْمِهِ) فَلَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَهَلْ يَحْضُرُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؟ إنْ بِالْمِصْرِ أَوْ بِحَيْثُ يَبِيتُ بِمَنْزِلِهِ نَعَمْ وَإِلَّا فَحَتَّى يُبَرْهِنَ أَوْ يَحْلِفَ مُنْيَةٌ (وَمَعْلُومِيَّةُ) الْمَالِ (الْمُدَّعَى) إذْ لَا يُقْضَى بِمَجْهُولٍ، وَلَا يُقَالُ مُدَّعًى فِيهِ وَبِهِ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ الْإِخْبَارَ (وَ) شَرْطُهَا أَيْضًا (كَوْنُهَا مُلْزِمَةً) شَيْئًا عَلَى الْخَصْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْبَحْرِ لِأَنَّ قُضَاةَ الْمَذَاهِبِ فِي زَمَانِنَا وِلَايَتُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ فِي التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ فِي عُمُومِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ لِعَزْلِهِ) أَيْ لِعَزْلِ مَنْ اخْتَارَهُ الْمُدَّعِي عَنْ الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَقَيَّدُ (قَوْلُهُ قُلْت) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ عَلَى حِدَةٍ) أَيْ لَا يَقْضِي عَلَى غَيْرِ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ فِي مَجْلِسٍ) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَالْوِلَايَةُ وَاحِدَةٌ) أَيْ لَمْ يُخَصِّصْ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَحَلَّةٍ

[رُكْنُ الدَّعْوَى]

(قَوْلُهُ عِنْدَ النِّزَاعِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَخَرَّجَ الْإِضَافَةَ حَالَةَ الْمُسَالَمَةِ فَإِنَّهَا دَعْوَى لُغَةً لَا شَرْعًا، وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَقُولُ هُوَ لَيْسَ لِي وَلَيْسَ هُنَاكَ مُنَازِعٌ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، فَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ مُنَازِعٌ فَهُوَ إقْرَارٌ لِلْمُنَازِعِ، فَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ اهـ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: أَقُولُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ مَفْرُوضٌ فِي كَوْنِ النَّفْيِ إقْرَارًا لِلْمُنَازِعِ أَوْ لَا وَلَيْسَ فِيهِ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ حَالَةَ الْمُسَالَمَةِ

[أَهْلُ الدَّعْوَى]

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا) لَمْ أَرَ اشْتِرَاطَ لَفْظٍ مَخْصُوصٍ لِلدَّعْوَى وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ وَالتَّحْقِيقِ، فَلَوْ قَالَ أَشُكُّ أَوْ أَظُنُّ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى بَحْرٌ.

[فَائِدَةٌ] لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: ادَّعَى أَنَّ لَهُ كَذَا وَأَنَّ الْعَيْنَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَهُ لِمَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ ابْتَدَأَ بِدَعْوَى الْإِقْرَارِ وَقَالَ إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا لِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ يَصِحُّ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْإِقْرَارِ لِلِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ بَحْرٌ مِنْ فَصْلِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ، وَسَيَأْتِي مَتْنًا أَوَّلَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ فَحَتَّى يُبَرْهِنَ أَوْ يَحْلِفَ) هَذَانِ قَوْلَانِ لَا قَوْلٌ وَاحِدٌ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْبُرْهَانِ وَالتَّحْلِيفِ فَرَاجِعْ الْبَحْرَ (قَوْلُهُ وَمَعْلُومِيَّةُ الْمَالِ الْمُدَّعَى) أَيْ بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ كَمَا فِي الْكَنْزِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْضَى بِمَجْهُولٍ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ فَسَادِ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ دَعْوَى الرَّهْنِ وَالْغَصْبِ، لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى رَهْنِ الْأَصْلِ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ ثَوْبًا وَلَمْ يُسَمُّوا الثَّوْبَ وَلَمْ يَعْرِفُوا عَيْنَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَيِّ ثَوْبٍ كَانَ وَكَذَلِكَ فِي الْغَصْبِ اهـ فَالدَّعْوَى بِالْأُولَى اهـ بَحْرٌ.

قُلْت: وَفِي الْمِعْرَاجِ: وَفَسَادُ الدَّعْوَى إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَزِمَهُ شَيْءٌ عَلَى الْخَصْمِ أَوْ يَكُونَ الْمُدَّعَى مَجْهُولًا فِي نَفْسِهِ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْ ادَّعَى حَقًّا مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُمَا يَصِحَّانِ بِالْمَجْهُولِ وَتَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْمَجْهُولِ بِلَا خِلَافٍ اهـ فَبَلَغَتْ الْمُسْتَثْنَيَاتُ خَمْسَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ مُدَّعًى فِيهِ وَبِهِ) وَفِي طُلْبَةِ الطَّلَبَةِ: وَلَا يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>