للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَبُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ عَرَبِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَجَمِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِقَوْمِ الْأَبِ وَيَرِثُهُ مُعْتِقُ الْأُمِّ وَعَصَبَتُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ (أَسْلَمَ رَجُلٌ) مُكَلَّفٌ (عَلَى يَدِ آخَرَ وَوَالَاهُ أَوْ) وَالَى (غَيْرَهُ) الشَّرْطُ كَوْنُهُ عَجَمِيًّا لَا مُسْلِمًا عَلَى مَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ (عَلَى أَنْ يَرِثَهُ) إذَا مَاتَ (وَيَعْقِلَ عَنْهُ) إذَا جَنَى (صَحَّ) هَذَا الْعَقْدُ (وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

الْفَتْحِ إلَى عَامِنَا هَذَا - وَهُوَ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَلْفِ - افْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ، فَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ إلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَنْقُولِ مِنْ الْبَدَائِعِ كَصَاحِبِ الدُّرَرِ وَالْمَوْلَى ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا وَالْمَوْلَى قَاضِي زَادَهْ وَالْمَوْلَى بُسْتَانْ زَادَهْ وَالْمَوْلَى زَكَرِيَّا وَالْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ بْنِ حَسَنٍ خَانْ وَالْمَوْلَى صُنْعِ اللَّهِ، وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ أُخْرَى إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ مِنْهُمْ الْمَوْلَى سَعْدٌ جَلَبِي وَالْمَوْلَى عَلِيٌّ الْجَمَالِيُّ وَالْمَوْلَى الشَّهِيرُ بِجَوَى زَادَهْ الْكَبِيرِ وَابْنُهُ. وَقَدْ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَوَّلًا عَلَى هَذَا وَصَرَّحَ بِرُجُوعِهِ فِي فَتْوَى مِنْهُ فَأَفْتَى بَعْدَهُ عَلَى مُوَافَقَةِ مَا فِي الْبَدَائِعِ، وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ قَضَى نَحْبَهُ جَعَلَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ مَشْكُورًا وَعَمَلَهُمْ مَبْرُورًا. وَرَأَيْت فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ مَا نَصُّهُ: مَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ أَصْلِيَّةٌ، وَأَبُوهُ رَقِيقٌ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ مَا دَامَ الْأَبُ رَقِيقًا، فَإِنْ أُعْتِقَ فَهَلْ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِمَوَالِي الْأَبِ يُحْكَى فِيهِ قَوْلَانِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْمِعْرَاجِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَبُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَرَبِيًّا) التَّقْيِيدُ بِهِ اتِّفَاقِيٌّ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَبُ مَوْلَى عَرَبِيٍّ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَرَبِيِّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَا لِقَوْمِ الْأَبِ وَلَا لِقَوْمِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجِهَةِ الْأَبِ وَلَا رِقَّ فِي جِهَتِهِ ح وَفَسَّرَ الْإِطْلَاقَ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِقَوْلِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ مُعْتَقَةً أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي الْوَلَاءِ كَمَا فِي الْعَرَبِيِّ، لِأَنَّ النَّسَبَ لِلْآبَاءِ وَإِنْ ضَعُفَ. وَلَهُمَا أَنَّهُ لِلنُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، لِأَنَّ مَنْ سِوَى الْعَرَبِ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِالْقَبَائِلِ بَدَائِعُ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسَةٌ؛ أَرْبَعَةٌ وِفَاقِيَّةٌ، وَالْخَامِسَةُ خِلَافِيَّةٌ. الْأُولَى: حُرَّانِ أَصْلِيَّانِ بِمَعْنَى عَدَمِ دُخُولِ رِقٍّ فِيهِمَا وَلَا فِي أُصُولِهِمَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِمَا.

الثَّانِيَةُ: مُعْتَقَانِ أَوْ فِي أَصْلِهِمَا مُعْتَقٌ فَالْوَلَاءُ لِقَوْمِ الْأَبِ. الثَّالِثَةُ: الْأَبُ مُعْتَقٌ أَوْ فِي أَصْلِهِ مُعْتَقٌ وَالْأُمُّ حُرَّةُ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَرَبِيَّةٌ أَوْلَى فَلَا وَلَاءَ لِقَوْمِ الْأَبِ. الرَّابِعَةُ: الْأُمُّ مُعْتَقَةٌ وَالْأَبُ حُرُّ الْأَصْلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنْ عَرَبِيًّا فَلَا وَلَاءَ لِقَوْمِ الْأُمِّ وَإِلَّا، وَهِيَ الْخَامِسَةُ: الْخِلَافِيَّةُ فَعِنْدَهُمَا لِقَوْمِ الْأُمِّ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ الْمَسْأَلَةِ فِي الدُّرَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ]

أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا اعْتِبَارَ لَهُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْعَتَاقَةِ وَالْأَدِلَّةُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. (قَوْلُهُ: رَجُلٌ مُكَلَّفٌ) أَيْ عَاقِلٌ بَالِغٌ فَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّجُلِ اتِّفَاقِيٌّ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ وَالَى غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَعِنْدَ عَطَاءٍ هُوَ مَوْلًى لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ: الشَّرْطُ كَوْنُهُ عَجَمِيًّا لَا مُسْلِمًا) تُعُقِّبَ عَلَى قَوْلِهِ أَسْلَمَ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ بِأَنَّهُ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: عَجَمِيًّا فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ لَا تَكُونُ فِي الْعَرَبِ، وَسَيَجِيءُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا، وَيُصَرِّحُ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَرِثَهُ) بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>