للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ: حَسَنٌ، وَأَحْسَنُ، وَبِدْعِيٌّ يَأْثَمُ بِهِ)

وَأَلْفَاظُهُ: صَرِيحٌ، وَمُلْحَقٌ بِهِ وَكِنَايَةٌ

(وَمَحَلُّهُ الْمَنْكُوحَةُ)

وَأَهْلُهُ زَوْجٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ مُسْتَيْقِظٌ

وَرُكْنُهُ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ

ــ

[رد المحتار]

وَقَدْ عَزَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إلَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا وَالْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ، وَأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَى أَكْثَرِهِمْ، وَانْتَصَرَ لَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ، لَكِنْ رَأَيْت مُؤَلَّفًا حَافِلًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرِ الْمَكِّيِّ فِي بُطْلَانِهِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَنَّ الْقَرَافِيَّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيِّ الْمُلَقَّبِ بِسُلْطَانِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، بَلْ يَحْرُمُ تَقْلِيدُ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ وَيَنْقُضُ قَضَاءَ الْقَاضِي بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَقَالَ: إنَّهُ شَنَّعَ عَلَى الْقَائِلِ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَنَّهُ نَقْلُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِ الدَّوْرِ وَإِنَّمَا وَقَعَ عَنْهُمْ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَوْ الْمُنَجَّزِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ شَارِحَ الْإِرْشَادِ قَالَ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْفَتْوَى وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّهُ بَالَغَ السُّرُوجِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: إنَّهُ يُشْبِهُ مَذَاهِبَ النَّصَارَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الزَّوْجُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ مُدَّةَ عُمُرِهِ اهـ مُلَخَّصًا وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْضًا أَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ اللُّغَةِ وَلِحُكْمِ الْعَقْلِ وَلِحُكْمِ الشَّرْعِ وَقَرَّرَهُ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. [تَنْبِيهٌ] قَدْ بَانَ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى إبْطَالِ الْكَلَامِ كُلِّهِ وَهُوَ جُمْلَةُ التَّعْلِيقِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ الْجَزْمُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عِنْدَنَا بِنَاءً عَلَى إبْطَالِ لَفْظٍ قَبْلَهُ فَقَطْ لِأَنَّ الدَّوْرَ إنَّمَا حَصَلَ بِهِ وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ مُغْنِي الْحَنَابِلَةِ حِكَايَةَ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ وَقَدَّمْنَا مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ عِنْدَنَا أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أَقْسَام الطَّلَاق]

(قَوْلُهُ وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) يَأْتِي بَيَانُهَا قَرِيبًا.

[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

(قَوْلُهُ صَرِيحٌ) هُوَ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي حَلِّ عُقْدَةِ النِّكَاحِ سَوَاءً كَانَ الْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَمُلْحَقٌ بِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ إلَى النِّيَّةِ كَلَفْظِ التَّحْرِيمِ أَوْ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُ الرَّجْعِيِّ بِهِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ: كَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ وَكِنَايَةٌ) هِيَ مَا لَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ وَاحْتَمَلَهُ وَغَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ.

[مَحِلّ الطَّلَاق]

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ الْمَنْكُوحَةُ) أَيْ وَلَوْ مُعْتَدَّةً عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ غَيْرِ ثَلَاثٍ فِي حُرَّةٍ وَثِنْتَيْنِ فِي أَمَةٍ أَوْ عَنْ فَسْخٍ بِتَفْرِيقٍ لِإِبَاءِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ بِارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا، وَنَظَمَ ذَلِكَ الْمَقْدِسِيَّ بِقَوْلِهِ:

بِعِدَّةٍ عَنْ الطَّلَاقِ يَلْحَقُ ... أَوْ رِدَّةٍ أَوْ بِالْإِبَاءِ يُفَرِّقُ

بِخِلَافِ عِدَّةِ الْفَسْخِ بِحُرْمَةٍ مُؤَبَّدَةٍ كَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِ مُؤَبَّدَةٍ كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ عِتْقٍ وَبُلُوغٍ وَعَدَمِ كَفَاءَةٍ وَنُقْصَانِ مَهْرٍ وَسَبْيِ أَحَدِهِمَا وَمُهَاجَرَتِهِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ، وَكَذَا مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ: لَوْ حَرَّرَتْ زَوْجَهَا حِينَ مَلَكَتْهُ فَطَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ آخِرَ الْكِنَايَاتِ.

[أَهْل الطَّلَاق]

(قَوْلُهُ وَأَهْلُهُ زَوْجٌ عَاقِلٌ إلَخْ) احْتَرَزَ بِالزَّوْجِ عَنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ وَوَالِدِهِ الصَّغِيرِ، وَبِالْعَاقِلِ وَلَوْ حُكْمًا عَنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَدْهُوشِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّكْرَانِ مُضْطَرًّا أَوْ مُكْرَهًا، وَبِالْبَالِغِ عَنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَبِالْمُسْتَيْقِظِ عَنْ النَّائِمِ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا صَحِيحًا طَائِعًا عَامِدًا فَيَقَعُ طَلَاقُ الْعَبْدِ وَالسَّكْرَانِ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ وَالْكَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُكْرَهِ وَالْهَازِلِ وَالْمُخْطِئِ كَمَا سَيَأْتِي

[رُكْن الطَّلَاق]

(قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ لَفْظٌ مَخْصُوصٌ) هُوَ مَا جُعِلَ دَلَالَةً عَلَى مَعْنَى الطَّلَاقِ مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ فَخَرَجَ الْفُسُوخُ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَرَادَ اللَّفْظَ وَلَوْ حُكْمًا لِيُدْخِلَ الْكِتَابَةَ الْمُسْتَبِينَةَ وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ وَالْإِشَارَةَ إلَى الْعَدَدِ بِالْأَصَابِعِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا كَمَا سَيَأْتِي.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَأَعْطَاهَا ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ يَنْوِي الطَّلَاقَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظًا لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ سُكَّانِ الْبَوَادِي

<<  <  ج: ص:  >  >>