هَذَا تَفْسِيرُ - {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨]- وَالْمَعْنَى كُلُّ نَفْسٍ تُرْتَهَنُ بِكَسْبِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ.
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ الرَّهْنَ لِصِيَانَةِ الْمَالِ وَحُكْمُ الْجِنَايَةِ لِصِيَانَةِ الْأَنْفُسِ وَالْمَالُ وَسِيلَةٌ لِلنَّفْسِ فَقُدِّمَ، ثُمَّ الْجِنَايَةُ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُكْتَسَبُ مِنْ الشَّرِّ. وَشَرْعًا اسْمٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ حَلَّ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ، وَخَصَّ الْفُقَهَاءُ الْغَصْبَ وَالسَّرِقَةَ بِمَا حَلَّ بِمَالٍ وَالْجِنَايَةَ بِمَا حَلَّ بِنَفْسٍ وَأَطْرَافٍ. (الْقَتْلُ) الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةِ مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَإِثْمٍ وَحِرْمَانِ إرْثٍ (خَمْسَةٌ) وَإِلَّا فَأَنْوَاعُهُ كَثِيرَةٌ كَرَجْمٍ وَصَلْبٍ وَقَتْلِ حَرْبِيٍّ، الْأَوَّلُ (عَمْدٌ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ) أَيْ ضَرْبَ الْآدَمِيِّ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ (بِ) آلَةٍ تُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ مِثْلِ (سِلَاحٍ) وَمُثْقَلٍ لَوْ مِنْ حَدِيدِ جَوْهَرَةٌ
ــ
[رد المحتار]
عَاشَ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً الْجَوَابُ: خِتَانٌ قَطْعُ الْحَشَفَةِ إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَإِنْ عَاشَ وَجَبَتْ كَامِلَةً؛ وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ يَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَتَمَامُهَا لِأَنَّهُ حَصَلَ التَّلَفُ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْقُلْفَةِ؛ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ. اهـ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ؛ وَسَتَأْتِي أَيْضًا قُبَيْلَ بَابِ الْقَسَامَةِ. (قَوْلُهُ هَذَا التَّفْسِيرُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَفْسِيرٌ بِدُونِ أَلْ، وَهُوَ الْأَوْضَحُ وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ وَأَيُّ رَهِينٍ إلَخْ أَيْ هَذَا تَفْسِيرُ وَبَيَانُ قَوْله تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ} [المدثر: ٣٨] الْآيَةَ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]
ِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْجِنَايَةِ) هُوَ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ ط (قَوْلُهُ وَالْمَالُ وَسِيلَةٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ الْجِنَايَاتِ لِأَهَمِّيَّتِهَا بِتَعَلُّقِهَا بِالْأَنْفُسِ ط. قُلْت: وَمَا مَرَّ مِنْ مُنَاسَبَةِ الرَّهْنِ لِمَا قَبْلَهُ تُغْنِي عَنْ هَذَا (قَوْلُهُ اسْمٌ لِمَا يُكْتَسَبُ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ ثُمَّ أُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَالْجِنَايَةُ بِمَا حَلَّ بِنَفْسٍ وَأَطْرَافٍ) أَيْ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَإِلَّا فِي جِنَايَاتِ الْحَجِّ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِنَفْسِ الْآدَمِيِّ وَلَا طَرَفٍ مِنْ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهَا الْجِنَايَةَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِالْقَتْلِ هُنَا الْقَتْلَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَصِحَّ الْحَصْرُ فِي الْخَمْسَةِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا قَتْلٌ مُحَرَّمٌ، فَلَا يَشْمَلُ الْقَتْلَ الْمَأْذُونَ بِهِ شَرْعًا كَقِصَاصٍ وَرَجْمٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ) أَيْ ضَرْبَ الْمَقْتُولِ، فَيَخْرُجُ الْعَمْدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ سَعْدِيٌّ، وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ يَدَ رَجُلٍ فَأَصَابَ عُنُقَهُ فَهُوَ عَمْدٌ، وَلَوْ عُنُقَ غَيْرِهِ فَخَطَأٌ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: إنَّ قَصْدَ الْقَتْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِكَوْنِهِ عَمْدًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالتَّعَمُّدِ عَنْ الْخَطَأِ وَبِقَوْلِهِ بِآلَةٍ إلَخْ عَنْ الْبَاقِي (قَوْلُهُ بِآلَةٍ تُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ) إنَّمَا شُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلِهِ، وَدَلِيلُهُ اسْتِعْمَالُ الْقَاتِلِ آلَتَهُ فَأُقِيمَ الدَّلِيلُ مَقَامَ الْمَدْلُولِ، لِأَنَّ الدَّلَائِلَ تَقُومُ مَقَامَ مَدْلُولَاتِهَا فِي الْمَعَارِفِ الظَّنِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَحٌ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الشُّهُودُ الْعَمْدَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَتْقَانِيُّ. وَفِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَدْنَى وَهُوَ الْخَطَأُ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ، وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَتْلِ (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) عِبَارَتُهَا الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِالْحَدِيدِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالْخِنْجَرِ وَالنُّشَّابَةِ وَالْإِبْرَةِ وَإِلَّا شُفِيَ وَجَمِيعُ مَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ، سَوَاءٌ كَانَ يَقْطَعُ أَوْ يُبْضِعُ كَالسَّيْفِ وَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ وَالزُّبْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ أَمْ لَا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْجُرْحُ فِي الْحَدِيدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute