للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدَمِ اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ.

(وَ) صَحَّ (بَيْعُ مَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) دَيْنٌ (مِمَّنْ هِيَ لَهُ) أَيْ مِنْ دَائِنِهِ فَصَحَّ بَيْعُهُ مِنْهُ (دِينَارًا بِهَا) اتِّفَاقًا، وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ إذْ لَا رِبَا فِي دَيْنٍ سَقَطَ (أَوْ) بَيْعُهُ (بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (إنْ دَفَعَ) الْبَائِعُ (الدِّينَارَ) لِلْمُشْتَرِي (وَتَقَاصَّا الْعَشَرَةَ) الثَّمَنَ (بِالْعَشَرَةِ) الدَّيْنِ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا.

(وَمَا غَلَبَ فِضَّتُهُ وَذَهَبُهُ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ) -

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

[تَنْبِيهٌ]

فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَمَعَ أَقَلِّهِمَا شَيْءٌ آخَرُ تَبْلُغُ قِيمَتَهُ بَاقِي الْفِضَّةِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَمَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِتَحَقُّقِ الرِّبَا إذْ الزِّيَادَةُ لَا يُقَابِلُهَا عِوَضٌ فَتَكُونُ رِبًا اهـ، وَصَرَّحَ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَا بَأْسَ، وَفِي الْمُحِيطِ: إنَّمَا كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَأْلَفَهُ النَّاسُ وَيَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمَا بَاشَرَا الْحِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا كَبَيْعِ الْعِينَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ بَحْرٌ.

وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَزِمَ أَنْ يُكْرَهَ فِي مَسْأَلَةِ الدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَارِ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابٍ اعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ: وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ هُنَاكَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَصْلًا كُلِّيًّا يُفِيدُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ اهـ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَيْعِ الْعِينَةِ آخِرَ الْبَابِ وَفِي الْكَفَالَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الرِّبَا. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هِيَ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّ بَيْعُهُ مِنْهُ) هَذَا وَإِنْ عَلِمَ لَكِنْ كَرَّرَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ دِينَارًا مَفْعُولُ بَيْعِ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَخْصَرُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَصَحَّ بَيْعُ دِينَارٍ بِعَشَرَةٍ عَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقَةٍ مِمَّنْ هِيَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) أَيْ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إرَادَتِهِمَا لَهَا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ لَا يَجِبُ قَبْضُهَا وَلَا تَعْيِينُهَا بِالْقَبْضِ وَذَلِكَ جَائِزٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّبَا أَيْ رِبَا النَّسِيئَةِ وَلَا رِبَا فِي دَيْنٍ سَقَطَ إنَّمَا الرِّبَا فِي دَيْنٍ يَقَعُ الْخَطَرُ فِي عَاقِبَتِهِ؛ وَلِذَا لَوْ تَصَارَفَانِ دَرَاهِمَ دَيْنًا بِدَنَانِيرَ دَيْنًا صَحَّ لِفَوَاتِ الْخَطَرِ.

(قَوْلُهُ: إنْ دَفَعَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ) قَيَّدَ فِي الصُّورَتَيْنِ ط عَنْ مَكِّيٍّ. (قَوْلُهُ: وَتَقَاصَّا الْعَشَرَةَ) قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: بِالْعَشَرَةِ الدَّيْنِ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِكَوْنِهِ اسْتِبْدَالًا بِبَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ بِالتَّقَابُضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَانْعَقَدَ صَرْفٌ آخَرُ مُضَافٌ إلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا غَيَّرَا مُوجِبَ الْعَقْدِ فَقَدْ فَسَخَاهُ إلَى آخِرِ مَا اقْتَضَاهُ، كَمَا لَوْ جُدِّدَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، كَذَا قَالُوا وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ، وَأَطْلَقَ فِي الْعَشَرَةِ الدَّيْنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ عَقْدِ الصَّرْفِ أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِذَا اسْتَقْرَضَ بَائِعُ الدِّينَارِ عَشَرَةً مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَصَبَ مِنْهُ فَقَدْ صَارَ قِصَاصًا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْقَبْصُ بَحْرٌ مُلَخَّصًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، إذْ فِي الْمُقَيَّدَةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَادِثًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهَا أَنْ يَبِيعَ الدِّينَارَ بِعَشَرَةٍ عَلَيْهِ، فَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي الْأَوْلَى سَبْقُ قَلَمٍ فَتَنَبَّهْ. ثُمَّ قَالَ الْبَحْرُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الصَّرْفِ، فَإِنْ كَانَ بِقَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَاصَّا وَإِنْ حَدَثَ بِالشِّرَاءِ بِأَنْ بَاعَ مُشْتَرِي الدِّينَارِ مِنْ بَائِعِ الدِّينَارِ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إنْ لَمْ يَجْعَلَاهُ قِصَاصًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ جَعَلَاهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ذَخِيرَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>