للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِمْ

(يُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْوَقْفِ وَالْغَائِبِ) وَاللُّقَطَةِ (وَالْيَتِيمِ) مِنْ مَلِيءٍ مُؤْتَمَنٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ وَلَا مَنْ يَقْبَلُهُ مُضَارَبَةً

ــ

[رد المحتار]

مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ دَفَعُوهُ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ يَكُونُ بَيْعًا كَذَا هَذَا.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِمْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: اسْتِغْرَاقُ التَّرِكَةِ بِدَيْنِ الْوَارِثِ لَا يَمْنَعُ إرْثَهُ إذَا كَانَ هُوَ وَارِثُهُ لَا غَيْرُ اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَهُوَ كَدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ. [تَنْبِيهٌ]

ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا لَا يَمْنَعُ إرْثَهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ أَدَّى دَيْنَ الْغَرِيمِ بِلَا شَرْطِ تَبَرُّعٍ لَا يَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فَلَا يَمْلِكُ الْقِنَّ إلَّا بِتَمْلِيكِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الِاسْتِغْرَاقِ بِدَيْنِهِ ابْتِدَاءً؛ إذْ لَا مَانِعَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِلْكِ اهـ.

[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

(قَوْلُهُ: يُقْرِضُ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَاشِرَ الْحِفْظَ بِنَفْسِهِ وَالدَّفْعَ بِالْقَرْضِ، اُنْظُرْ لِلْيَتِيمِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ الْمُسْتَقْرِضِينَ حَتَّى لَوْ اخْتَلَّ أَحَدُهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَقْرِضَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: مَالَ الْوَقْفِ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا عَنْ الْعُدَّةِ يَسَعُ لِلْمُتَوَلِّي إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أَحْرَزَ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَاضِي مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخِزَانَةِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَاضُ أَحْرَزَ.

(قَوْلُهُ: وَالْغَائِبِ) زَادَ فِي الْبَحْرِ وَلَهُ بَيْعُ مَنْقُولِهِ إذَا خَافَ التَّلَفَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَكَانِ الْغَائِبِ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَعْثُهُ إلَيْهِ إذَا خَافَ التَّلَفَ اهـ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ إقْرَاضُهُ مَالَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ.

(قَوْلُهُ: وَاللُّقَطَةَ) الظَّاهِرُ قِرَاءَتُهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَالِ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِئَلَّا يَقَعَ مَنْصُوبًا بَيْنَ مَجْرُورَيْنِ لَكِنْ الْإِضَافَةَ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ وَفِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لَامِيَّةٌ تَأَمَّلْ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْرَاضِ الْقَاضِي اللُّقَطَةَ هُنَا مَا إذَا دَفَعَهَا الْمُلْتَقِطُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَالتَّصَرُّفُ فِيهَا مِنْ تَصَدُّقٍ أَوْ إمْسَاكٍ لِلْمُلْتَقِطِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَلِيءٍ) بِالْهَمْزِ فِي الْمِصْبَاحِ رَجُلٌ مَلِيءٌ عَلَى فَعِيلٍ غَنِيٌّ مُقْتَدِرٌ، وَيَجُوزُ الْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ اهـ: أَيْ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَإِدْغَامُهَا فِي الْيَاءِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا وَصِيَّ) هَذَا الشَّرْطُ زَادَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا بِقَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ لِجَوَازِ إقْرَاضِ الْقَاضِي عَدَمُ وَصِيٍّ لِلْيَتِيمِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ وَلَوْ مَنْصُوبَ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ اهـ وَرَدَّهُ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ: بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ عَلَى خِلَافِهِ، وَبِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ مِنْهُ، وَالْوَصِيُّ مَمْنُوعٌ مِنْ الْإِقْرَاضِ امْتَنَعَ النَّظَرُ لِلْيَتِيمِ وَلَا قَائِلَ بِهِ تَأَمَّلْ اهـ، لَكِنَّهُ أَفْتَى فِي وَصَايَا الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّ لِلْوَصِيِّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا فِي وَقْفِ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ، مِنْ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي إقْرَاضَ مَالِ الْمَسْجِدِ بِأَمْرِ الْقَاضِي قَالَ: وَالْوَصِيُّ مِثْلُ الْقَيِّمِ لِقَوْلِهِمْ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ أَخَوَانِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ النَّظَرُ لِلْيَتِيمِ بِهَذِهِ الْجِهَةِ نَعَمْ يَرِدُ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِصَايَتِهِ، بَلْ بَقِيَ لِلْقَاضِي فَلَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْوَصِيِّ، كَمَا لَوْ نَصَّبَ وَصِيًّا عَلَى يَتِيمَةٍ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ يَأْذَنَ لِلْوَصِيِّ بِتَزْوِيجِهَا وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ، إذْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وِصَايَتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ لِلْقَاضِي فِعْلُهُ مَعَ وُجُودِ الْوَصِيِّ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْمُتُونِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ يَقْبَلُهُ مُضَارَبَةً إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَاضِي إقْرَاضَهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ يَكُونُ غَلَّةً لِلْيَتِيمِ لَا لَوْ وَجَدَهُ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يُضَارِبُ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ اهـ أَيْ أَنْفَعُ مِنْ الْإِقْرَاضِ وَمَا قِيلَ إنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ أَمَانَةٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، فَيَكُونُ الْإِقْرَاضُ أَوْلَى فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ فِيهَا رِبْحٌ بِخِلَافِ الْقَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>