للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِهِ أَشْبَاهٌ وَفِيهَا لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ وَلَا لِوَلَدِهِ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ وَحَرَّرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ صِحَّةَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَلِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَلَوْ فِي حَيَاةِ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهِ وَأَنَّهُ يَقْضِي فِيمَا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ الْأَوْقَافِ وَزَادَ بَيْتَيْنِ قَالَ:

وَيَقْضِي لِأُمِّ الْعِرْسِ حَالَ حَيَاتِهَا ... وَعِرْسِ أَبِيهِ وَهُوَ حَيٌّ مُحَرَّرُ

وَبَعْدَ وَفَاةٍ إنْ خَلَا عَنْ نَصِيبِهِ ... بِمِيرَاثِ مَقْضِيٌّ بِهِ فَتَبَصَّرُوا

وَيَقْضِي بِوَقْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِرَيْعِهِ ... لِوَصْفِ الْقَضَا وَالْعِلْمِ أَوْ كَانَ يَنْظُرُ

ــ

[رد المحتار]

الْقَاضِي إذَا كَانَتْ لَهُ خُصُومَةٌ عَلَى إنْسَانٍ فَاسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً فَقَضَى لَهُ عَلَى خَصْمِهِ لَا يَنْفُذُ، لِأَنَّ قَضَاءَ نَائِبِهِ كَقَضَائِهِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشَيْءٍ ثُمَّ صَارَ الْوَكِيلُ قَاضِيًا فَقَضَى لِمُوَكِّلِهِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ قَضَى لِمَنْ وَلَّاهُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ نَائِبُ هَذَا الْقَاضِي قَالَ وَالْوَجْهُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِمِثْلِ هَذَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ السُّلْطَانِ الَّذِي وَلَّاهُ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيًا آخَرَ حَتَّى يَخْتَصِمَا إلَيْهِ، فَيَقْضِيَ أَوْ يَتَحَاكَمَا إلَى حَاكِمٍ مُحَكَّمٍ وَيَتَرَاضَيَا بِقَضَائِهِ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ اهـ.

قُلْتُ: وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَأْذُونًا لَهُ بِالْإِنَابَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ إلَخْ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا كَانَ نَائِبُهُ نَائِبًا عَنْ السُّلْطَانِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَبْسِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَطْلُبَ مِنْ السُّلْطَانِ تَوْلِيَةَ قَاضٍ آخَرَ فَلِذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي شَرْحِهِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيَرُدُّ هَدِيَّةً.

[فُرُوعٌ لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ]

(قَوْلُهُ لَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَخْ) فِي الْهِنْدِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لِوَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ وَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا أَوْ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لِعَبْدِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِهِ وَلَا لِعَبِيدِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَلَا لِمُكَاتَبِهِمْ، وَلَا لِشَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا فِي مَالِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ مُلَخَّصًا وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ مِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْقَضَاءِ الْإِفْتَاءُ فَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي الْهُرُوبُ مِنْ هَذَا مَتَى قَدَرَ اهـ أَيْ وَكَانَ هُنَاكَ مُفْتٍ غَيْرُهُ حَمَوِيٌّ ط.

قُلْتُ: وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ التُّهْمَةُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ) صُورَتُهَا مَا فِي الْأَشْبَاهِ لَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ، فَأَثْبَتَ أَنَّ فُلَانًا وَصِيُّهُ صَحَّ وَبَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدْيُونَ الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي حَيَاةِ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهِ) لَكِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا يَقْضِي فِيمَا لَمْ يَرِثُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَزَادَ بَيْتَيْنِ) أَيْ زَادَ عَلَى نَظْمِ الْوَهْبَانِيَّةِ بَيْتَيْنِ وَهُمَا الْأَوَّلَانِ أَمَّا الثَّالِثُ فَهُوَ مِنْ زِيَادَاتِ شَارِحِهَا ابْنِ الشِّحْنَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ لِأُمِّ الْعِرْسِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ.

(قَوْلُهُ مُحَرَّرٌ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا الْحُكْمُ مُحَرَّرُ ط.

(قَوْلُهُ بِمِيرَاثِ) بِدُونِ تَنْوِينٍ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ قَالَ مِنْ الْإِرْثِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ مَقْضِيٌّ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَلَا قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ فَأُمُّ زَوْجَتِهِ يَصِحُّ لَهَا الْقَضَاءُ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ حَالَ حَيَاةِ زَوْجَتِهِ، وَبَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ يَصِحُّ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مِيرَاثًا لَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَوْرُوثِ لِاسْتِحْقَاقِ الْقَاضِي حِصَّةً مِنْهُ بِالْمِيرَاثِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَقَضَاؤُهُ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ كَذَلِكَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْأَبِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُخَصُّ بِمَا لَا يَرِثُ مِنْهُ الْقَاضِي كَمَا إذَا ادَّعَتْ اسْتِحْقَاقًا فِي وَقْفٍ يَخُصُّهَا اهـ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَيْضًا مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْمَقْضِيُّ لَهَا حَيَّةً وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً لِزَوْجَتِهِ فِيمَا تَرِثُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَيَقْضِي إلَخْ) فَاعِلُهُ قَوْلُهُ مُسْتَحِقٌّ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ صُورَتُهَا: وَقَفَ عَلَى عُلَمَاءِ كَذَا وَسَلَّمَ لِلْمُتَوَلِّي فَادُّعِيَ فَسَادُ الْوَقْفِ بِسَبَبِ الشُّيُوعِ عِنْدَ قَاضٍ وَمِنْ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا يَقْضِي فِيمَا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ الْأَوْقَافِ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَقَوْلِي لِوَصْفِ الْقَضَاءِ وَالْعِلْمِ لِيُخْرِجَ مَا لَوْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِذَاتِهِ لَا لِوَصْفٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى وَقْفٍ لِمَدْرَسَةٍ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ وَسَتَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>