كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَجْرَ الْمِثْلِ فَالْمُخْتَارُ قَبُولُهَا فَيَفْسَخُهَا الْمُتَوَلِّي، فَإِنْ امْتَنَعَ فَالْقَاضِي
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا) فَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي فَتَاوَاهُ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي لَا يَقْبَلُهَا إلَّا وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ اهـ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ: زَادَ بَعْضُ النَّاسِ فِي أُجْرَتِهَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ لَعَلَّهُ مُتَعَنِّتٌ اهـ ط. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَجْرَ الْمِثْلِ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ لِزِيَادَةٍ بِاللَّامِ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِهَا لِغُلُوِّ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ.
أَمَّا إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكَثْرَةِ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي اسْتِئْجَارِهِ فَلَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ حَمَوِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ.
أَقُولُ: وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ، إذْ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ حِنْطَةً مَثَلًا وَزَادَتْ قِيمَتُهَا أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ ابْنُ مَلِكٍ فَمَا وَجْهُ نَقْضِ الْإِجَارَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِزِيَادَةِ الرَّغَبَاتِ كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَاتِ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِأَبِي السُّعُودِ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْبِيرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ السِّعْرِ فِي نَفْسِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي النَّقْضِ لِلْوَقْفِ وَلَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الطَّرَابُلُسِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَرَدَّ بِهِ مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَجَعَلَهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُنْتَقَدَةِ عَلَيْهِ اهـ.
[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ] ١
ِ بَقِيَ شَيْءٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا الْمُرَادُ بِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَنَقُولُ: وَقَعَتْ الزِّيَادَةُ فِي أَغْلِبْ كَلَامِهِمْ مُطْلَقَةً فَقَالُوا إذَا زَادَتْ بِزِيَادَةِ الرَّغَبَاتِ.
وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهَا تُنْقَضُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ.
قَالَ فِي وَقْفِ الْبَحْرِ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْفَاحِشَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ نَقْضِهَا بِالْيَسِيرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَالْوَاحِدُ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ، فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ دَارٍ عَشَرَةً مَثَلًا وَزَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا وَاحِدًا فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ كَمَا لَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي بِتِسْعَةٍ فَلِأَنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ اهـ.
أَقُولُ: لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ مِقْدَارُهَا نِصْفُ الَّذِي أَجَّرَ بِهِ أَوَّلًا اهـ وَنَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ قُنْلِي زَادَةْ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ مَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ فَهُوَ زِيَادَةٌ فَاحِشَةٌ نِصْفًا كَانَتْ أَوْ رُبْعًا.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَهَلْ هُمَا رِوَايَتَانِ أَوْ مُرَادُ الْعَامَّةِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْحَصِيرِيُّ؟ لَمْ يُحَرِّرْهُ أَحَدٌ قَبْلَنَا.
أَقُولُ: وَكَلَامُهُ الثَّانِي أَقْبَلُ، فَإِنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ بُرْهَانٍ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَعَدُّدِ الرِّوَايَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ صَرِيحًا فَيُضْطَرُّ إلَى جَعْلِهِمَا رِوَايَتَيْنِ، وَقَدْ أَقَرَّ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَصِيرِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ السُّنِّيَّةَ (قَوْلُهُ فَيَفْسَخُهَا الْمُتَوَلِّي إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ قُنْلِي زَادَةْ: وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْسَخُهَا الْقَاضِي أَوْ الْمُتَوَلِّي وَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي، لَمْ يُحَرِّرْهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ صَاحِبُ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَجَزَمَ بِالثَّانِي، وَإِنَّمَا يَفْسَخُ الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ النَّاظِرُ عَنْهُ اهـ.
أَقُولُ: وَالْقَوْلُ بِالْفَسْخِ هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ أَطْلَقَ الْفَسْخَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ فَصَّلَ بَعْدَهُ.