للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ فِي الْحُكْمِ وَبَقِيَ نَذْرُهُ وَبِهَذَا عُرِفَ صِفَتُهُ وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ

(وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ)

(وَرُكْنُهُ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ كَ) أَرْضِي هَذِهِ (صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَلْفَاظِ كَمَوْقُوفَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ الْبِرِّ وَاكْتَفَى أَبُو يُوسُفَ بِلَفْظِ مَوْقُوفَةٍ فَقَطْ قَالَ الشَّهِيدُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ لِلْعُرْفِ

[مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ]

(وَشَرْطُهُ شَرْطُ سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ) كَحُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ

ــ

[رد المحتار]

وَدِقَّةُ نَظَرِ الشَّارِحِ وَإِيجَازُهُ فِي التَّعْبِيرِ يَفُوقُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ كِتَابَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَصَحَّ تَعْيِينُهُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ النَّذْرُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ، وَصَرْفُهَا إلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ لَهُ فَلَمْ تَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ صَرَفَ إلَيْهِ الْكَفَّارَةَ أَوْ الزَّكَاةَ وَقَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ قُرْبَةً بِالنِّيَّةِ وَمُبَاحًا بِدُونِهَا وَوَاجِبًا بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ) أَيْ الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْمَنْفَعَةِ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا فِيهِ تَعَامُلٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، ثُمَّ رَأَيْت هَذَا مَسْطُورًا فِي الْإِسْعَافِ. .

مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ) وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لَفْظًا عَلَى مَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمِنْهَا مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُوصِيَ بِغَلَّةِ هَذِهِ الدَّارِ لِلْمَسَاكِينِ أَبَدًا أَوْ لِفُلَانٍ وَبَعْدَهُ لِلْمَسَاكِينِ أَبَدًا فَإِنَّ الدَّارَ تَصِيرُ وَقْفًا بِالضَّرُورَةِ. وَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي عَلَى كَذَا اهـ أَيْ فَهُوَ مِنْ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ مِنْ الثُّلُثِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْهَا لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا مِنْ غَلَّةِ دَارِي هَذِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا وَفَرِّقُوهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَارَتْ الدَّارُ وَقْفًا اهـ وَعَزَاهُ لِلذَّخِيرَةِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَ الْأَصْحَابِ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَيَصْرِفُ مِنْهَا الْخُبْزَ إلَى مَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، وَالْبَاقِيَ إلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُمْ مَصْرِفُ الْوَقْفِ فِي الْأَصْلِ، مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَنَظِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ، وَقَدْ سَأَلْت عَنْ نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا دَرَاهِمَ يُشْتَرَى بِهَا زَيْتٌ لِمَسْجِدِ كَذَا، ثُمَّ بَاعَ الْوَرَثَةُ الدَّارَ وَشَرَطُوا عَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِلْمَسْجِدِ، فَأَفْتَيْت بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَبِأَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا حَيْثُ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى أَبُو يُوسُفَ بِلَفْظِ: مَوْقُوفَةٌ إلَخْ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ تَأْبِيدٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَفْظِ صَدَقَةٍ، أَوْ لَفْظِ الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ كَالْمَسْجِدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ، فَإِنْ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ مَوْقُوفَةٍ لِمُنَافَاةِ التَّعْيِينِ لِلتَّأْبِيدِ، وَلِذَا فَرَّقَ بَيْنَ مَوْقُوفَةٍ وَبَيْنَ مَوْقُوفَةٍ عَلَى زَيْدٍ حَيْثُ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي. نَعَمْ تَعْيِينُ الْمَسْجِدِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مُؤَيَّدٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَصِحُّ أَيْ مَوْقُوفَةٌ فَقَطْ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا كَانَ مُفِيدًا لِخُصُوصِ الْمَصْرِفِ أَعْنِي الْفُقَرَاءَ لَزِمَ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا لِأَنَّ جِهَةَ الْفُقَرَاءِ لَا تَنْقَطِعُ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِمْ. اهـ.

قُلْت: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذِكْرَ التَّأْبِيدِ أَوْ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ غَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ شَرْطُ سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ) أَفَادَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقْتَ الْوَقْفِ مِلْكًا بَاتًّا وَلَوْ بِسَبَبٍ فَاسِدٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>