للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ الثَّمَانِ وَالْأَرْبَعِينَ عَلَى مَا فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ الَّتِي السُّكُوتُ فِيهَا كَالنُّطْقِ

[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِالنَّقْدِ قُنْيَةٌ، زَادَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى إلَّا إذَا سَكَتَ طَوِيلًا فَلَا خُصُومَةَ لَهُ، وَلَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُودٍ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ) أَيْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلشَّيْخِ صَالِحٍ ابْنِ مُصَنِّفِ التَّنْوِيرِ، فَإِنَّهُ زَادَ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ ح

[فَرْعٌ لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ]

(قَوْلُهُ يَلِيقُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى عَائِدٌ إلَى مَا بَعَثَهُ الزَّوْجُ إلَى الْأَبِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا. اهـ. قُلْت: وَهَذَا الْمَبْعُوثُ يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْأَعَاجِمِ بِالدِّسْتِمَانِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَكَتَ طَوِيلًا) قَالَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ زَمَانًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ. اهـ. ح وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يُعْرَفُ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي النَّهْرِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ عَنْ فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ، وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ.

قُلْت وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ حَيْثُ قَالَ: تَزَوَّجَهَا وَأَعْطَاهَا ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارِ الدِّسْتِمَانِ وَهِيَ بِنْتُ مُوسِرٍ وَلَمْ يُعْطِ لَهَا الْأَبُ جِهَازًا أَفْتَى الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ بِأَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْجِهَازِ مِنْ الْأَبِ عَلَى قَدْرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَوْ طَلَبُ الدِّسْتِيمَانِ. قَالَ: وَهَذَا اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَكَانَ بَعْضُ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ يَعْتَرِضُ بِأَنَّ الدِّسْتِيمَانَ هُوَ الْمَهْرُ الْمُعَجَّلُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، فَهُوَ مُقَابَلٌ بِنَفْسِ الْمَرْأَةِ، حَتَّى مَلَكَتْ حَبْسَ نَفْسِهَا لِاسْتِيفَائِهِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ الزَّوْجُ طَلَبَ الْجِهَازِ وَالشَّيْءُ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضَانِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الْفَقِيهُ نَاقِلًا عَنْ الْأُسْتَاذِ أَنَّ الدِّسْتِيمَانَ إذَا أُدْرِجَ فِي الْعَقْدِ فَهُوَ الْمُعَجَّلُ الَّذِي ذَكَرْته، وَإِنْ لَمْ يُدْرَجْ فِيهِ وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ، إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْدِ وَزُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ وَسَكَتَ الزَّوْجُ أَيَّامًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَعْوَى الْجِهَازِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُحْتَمَلًا وَسَكَتَ زَمَانًا يَصْلُحُ لِلِاخْتِيَارِ دَلَّ أَنَّ الْغَرَضَ لَمْ يَكُنْ الْجِهَازُ اهـ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَجَّلَ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ هُوَ الْمَهْرَ الْمُعَجَّلَ دَائِمًا كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْكَافِي حَتَّى يَرُدَّ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِنَفْسِهَا لَا بِجِهَازِهَا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جُعِلَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَهْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَهْرُ الْمُعَجَّلُ وَهُوَ مُقَابَلٌ بِنَفْسِ الْمَرْأَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَابَلٌ بِالْجِهَازِ عَادَةً، حَتَّى لَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ وَلَمْ يَطْلُبْ جِهَازًا عُلِمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ تَبَرُّعًا بِلَا طَلَبِ عِوَضٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرٌ، لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ عَادَةً أَنَّ كَثْرَتُهُ لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْجِهَازِ، فَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَدَلٌ لَهُ أَيْضًا، وَلِهَذَا كَانَ مَهْرُ مَنْ لَا جِهَازَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ ذَاتِ الْجِهَازِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْمَلَ مِنْهَا. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا وَهُوَ مَا يَكُونُ بَدَلَ الْبُضْعِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ النِّكَاحِ دُونَ الْجِهَازِ لَمْ يُعْتَبَرْ الْمَعْنَى وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّفَقَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَزِيدُ بَيَانٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي زَمَانِنَا، بَلْ كُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ الْجِهَازَ لِلْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا تَأْخُذُهُ كُلَّهُ، وَإِذَا مَاتَتْ يُورَثُ عَنْهَا، وَإِنَّمَا يَزِيدُ الْمَهْرُ طَمَعًا فِي تَزْيِينِ بَيْتِهِ بِهِ وَعَوْدِهِ إلَيْهِ وَلِأَوْلَادِهِ إذَا مَاتَتْ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ ثَيِّبٌ، فَقَدْ مَرَّ الْخِلَافُ فِي لُزُومِ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُرَجِّحَ اللُّزُومُ، فَلِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>