للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ مَاتَا) (فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ) كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) (لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ (فَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ) إنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ

(وَتُفْسَخُ بِالْعُذْرِ) (كَالْمُزَارَعَةِ) كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ (وَمِنْهُ كَوْنُ الْعَامِلِ عَاجِزًا عَنْ الْعَمَلِ، وَكَوْنُهُ سَارِقًا يُخَافُ عَلَى ثَمَرِهِ وَسَعَفِهِ مِنْهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ.

[فُرُوعٌ] مَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَسَقْيٍ وَتَلْقِيحٍ وَحِفْظٍ فَعَلَى الْعَامِلِ، وَمَا بَعْدَهُ كَجِذَاذٍ وَحِفْظٍ فَعَلَيْهِمَا، وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا مُلْتَقًى. وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَسَقْيٍ فَعَلَى الْعَامِلِ وَبَعْدَهُ كَحَصَادٍ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ بِلَا عَمَلٍ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَكَذَا هَذَا الْإِشْكَالُ وَارِدٌ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا اهـ. وَأَجَابَ فِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ لَا بِحِصَّتِهِ كَمَا فَهِمَهُ هَذَا الْفَاضِلُ اهـ. وَهَذَا الْجَوَابُ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى التَّتَارْخَانِيَّة، مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ، وَلِقَوْلِ الْهِدَايَةِ هُنَاكَ يَرْجِعُ بِمَا يُنْفِقُهُ فِي حِصَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِنِصْفِهِ وَلَا بِحِصَّتِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ إنْ كَانَ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا لَا بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ. قَالَ الْحَمَوِيُّ: نَعَمْ يَرِدُ هَذَا: أَيْ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى مَا فِي الْكَافِي وَالْغَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَهُ.

هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الرُّجُوعَ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَرَّرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَتَقَدَّمَ مَتْنًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَالْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، وَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ وَعَنْ هَذَا صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ وَرَثَةَ رَبِّ الْأَرْضِ إذَا أَنْفَقُوا بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعُوا بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ، وَفِي انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ يَرْجِعُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِالنِّصْفِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ. وَالْفَرْقُ بَقَاءُ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَوْنُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ، بِخِلَافِ الثَّانِي، وَتَمَامُهُ مَرَّ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَارَعَةِ لَكِنَّ الْمُسَاقَاةَ مِثْلُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَيَأْتِي، وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ يَأْتِي قَرِيبًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ التَّقْيِيدِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ بِدُونِهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ أَبَى وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَا (قَوْلُهُ بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا) أَيْ وَالثَّمَرُ نِيءٌ، فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ عَمِلَ) أَيْ كَالْمُزَارَعَةِ لَكِنْ هُنَا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ، بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَكَذَا الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِمَا زَيْلَعِيٌّ، وَإِنْ أَبَى عَنْ الْعَمَلِ خُيِّرَ الْآخَرُ بَيْنَ خِيَارَاتٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا بَيَّنَّا أَتْقَانِيٌّ.

[فَرْعٌ قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ] ١

[فَرْعٌ]

قَامَ الْعَامِلُ عَلَى الْكَرْمِ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ فَلَمَّا أَدْرَكَ الثَّمَرَ جَاءَ يَطْلُبُ الْحِصَّةَ إنْ تَرَكَ فِي وَقْتٍ صَارَ لِلثَّمَرَةِ قِيمَةٌ لَهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ قَبْلَهُ فَلَا بَزَّازِيَّةٌ

(قَوْلُهُ وَتُفْسَخُ بِالْعُذْرِ) وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ أَتْقَانِيٌّ، وَهَلْ سَفَرُ الْعَامِلِ عُذْرٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ عُذْرٌ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلَ نَفْسِهِ، وَغَيْرُ عُذْرٍ إذَا أَطْلَقَ وَكَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَرَضِ الْعَامِلِ اهـ (قَوْلُهُ وَسَعَفِهِ) بِالتَّحْرِيكِ جَمْعُ سَعَفَةٍ: غُصْنُ النَّخْلِ صِحَاحٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَكَتَبَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ مَا فِي زَكَاةِ الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ وَرَقُ الْجَرِيدِ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْمَرَاوِحُ لَيْسَ بِذَاكَ اهـ، لَكِنْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُخَافُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَلَوْ شَرَطَ الْجِذَاذَ عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ اهـ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ آخِرَ الْمُزَارَعَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْعِنَبَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ لِلْعُرْفِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) لَمْ يُفِدْ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ أَصْلٌ لِذِكْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>