للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتِّفَاقًا وَقَيَّدْنَا بِالْهِبَةِ لِجَوَازِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ اثْنَيْنِ اتِّفَاقًا

(وَإِذَا تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (أَوْ وَهَبَهَا لِفَقِيرَيْنِ صَحَّ) لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ - تَعَالَى، وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ (لَا لِغَنِيَّيْنِ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ فَلَا تَصِحُّ لِلشُّيُوعِ أَيْ لَا تُمْلَكُ حَتَّى لَوْ قَسَّمَهَا وَسَلَّمَهَا صَحَّ.

[فُرُوعٌ] وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ دِرْهَمًا إنْ صَحِيحًا صَحَّ، وَإِنْ مَغْشُوشًا لَا لِأَنَّهُ مِمَّا يُقْسَمُ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ.

مَعَهُ دِرْهَمَانِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: وَهَبْت لَك أَحَدَهُمَا أَوْ نِصْفَهُمَا إنْ اسْتَوَيَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَشَاعٌ لَا يُقْسَمُ؛ وَلِذَا لَوْ وَهَبَ ثُلُثَهُمَا جَازَ مُطْلَقًا.

تَجُوزُ هِبَةُ حَائِطٍ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ لِجَارٍ، وَهِبَةُ الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ سَقْفِ الْوَاهِبِ عَلَى الْحَائِطِ وَاخْتِلَاطِ الْبَيْتِ بِحِيطَانِ الدَّارِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ مُجْتَبَى.

بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

(صَحَّ الرُّجُوعُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَمْ تَتِمَّ الْهِبَةُ (مَعَ انْتِفَاعِ مَانِعِهِ) الْآتِي (وَإِنْ كُرِهَ) الرُّجُوعُ (تَحْرِيمًا) وَقِيلَ: تَنْزِيهًا نِهَايَةٌ (وَلَوْ مَعَ إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الرُّجُوعِ) فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ خَانِيَّةٌ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الرُّجُوعِ وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى شَيْءٍ صَحَّ وَكَانَ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ لَكِنْ سَيَجِيءُ

ــ

[رد المحتار]

لَهُ وِلَايَةٌ تَتِمُّ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) لِتَفْرِيقِ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ صَدَقَةٌ) اُنْظُرْ مَا نَكْتُبُهُ بَعْدَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَلَوْ قَالَ: وَهَبْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَانِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْإِجْمَاعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ، وَفِي الْأَصْلِ هِبَةُ الدَّارِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَذَا الصَّدَقَةُ، أَيْ عَلَى غَنِيَّيْنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْقِ (قَوْلُهُ لَا لِغَنِيَّيْنِ) هَذَا قَوْلُهُ، وَقَالَا: يَجُوزُ، وَفِي الْأَصْلِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ فَفِي الصَّدَقَةِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَا تُمْلَكُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْفَاسِدَةَ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا تَرْجِيحَهُ تَأَمَّلْ،. .

(قَوْلُهُ لَوْ قَسَّمَهَا إلَخْ) قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: إنْ اسْتَوَيَا) أَيْ وَزْنًا وَجَوْدَةً خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ جَازَ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا قَالَ: نِصْفُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: لَكَ هِبَةٌ لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُلُثُهُمَا جَازَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: سَابِقًا أَوْ نِصْفَهُمَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا نِصْفُ كُلٍّ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثُّلُثِ فِي الشِّيَاعِ، بِخِلَافِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) اسْتَوَيَا أَوْ اخْتَلَفَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ: تَجُوزُ هِبَةُ حَائِطٍ إلَخْ) وَفِي الذَّخِيرَةِ: هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ، وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ غَلَّةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا صَارَ قَابِضًا لَهَا مُتَفَرِّقَاتِ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلرَّمْلِيِّ.

[بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

فِي الْهَامِشِ: وَلَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: أَسْقَطْت حَقِّي فِي الرُّجُوعِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِيهِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالضَّمِيرُ فِي اشْتِرَاطِهِ لِلْعِوَضِ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُجْتَبَى إذْ مَا فِي الْجَوَاهِرِ صَلُحَ عَنْ حَقِّ الرُّجُوعِ نَصًّا، وَقَدْ صَحَّ الصُّلْحُ فَلَزِمَ سُقُوطُهُ ضِمْنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَهُ قَصْدًا فَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا، وَلَيْسَ بِحَقٍّ مُجَرَّدٍ حَتَّى يُقَالَ بِمَنْعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِي الْمُجْتَبَى

<<  <  ج: ص:  >  >>