بِخِلَافِ الْقَاضِي وَمِنْهَا لَوْ رَدَّ الشَّهَادَةَ لِتُهْمَةٍ فَلِغَيْرِهِ قَبُولُهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ الْحَبْسَ وَلَمْ أَرَهُ وَكَذَا لَمْ أَرَ حُكْمَ قَبُولِهِ الْهَدِيَّةَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ إنْ أَهْدَى إلَيْهِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ.
بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ
أَرَادَ بِغَيْرِهِ قَوْلَهُ وَالْمَرْأَةُ تَقْضِي إلَخْ (الْقَاضِي يَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي فِي) كُلِّ حَقٍّ بِهِ يُفْتِي اسْتِحْسَانًا (غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ) لِلشُّبْهَةِ
ــ
[رد المحتار]
فِي أَرْبَعٍ الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِحُكْمِهَا مِنْ الْمُحَكَّمِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى، فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ مِنْ الْمُحَكَّمِ بِخِلَافِ الْقَاضِي اهـ.
قُلْتُ: وَيُزَادُ أَيْضًا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِقِيَامِهِ مِنْ الْمَجْلِسِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَاضِي) فَإِنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِذَا أَسْلَمَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ.
(قَوْلُهُ فَلِغَيْرِهِ قَبُولُهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّ قَاضٍ شَهَادَةً لِلتُّهْمَةِ لَا يَقْبَلُهَا قَاضٍ آخَرُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالرَّدِّ نَفَذَ عَلَى الْكَافَّةِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ الْحَبْسَ وَلَمْ أَرَهُ) كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ، وَفِي بَعْضِهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَهُ مَا نَصُّهُ وَفِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ بَابِ التَّحْكِيمِ قَالَ: وَفَائِدَةُ إلْزَامِ الْخَصْمِ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إنْ حَكَّمَا حَكَمًا فَالْحَكَمُ يُجْبِرُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَالْبَائِعَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَمَنْ امْتَنَعَ يَحْبِسُهُ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَكَمَ يَحْبِسُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) هَذَا مِنْ الْبَحْرِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا لَمْ أَرَ حُكْمَ قَبُولِ الْهِدَايَةِ وَإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَا لَهُ لِانْتِهَاءِ التَّحْكِيمِ بِالْفَرَاغِ إلَّا أَنْ يُهْدَى إلَيْهِ وَقْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ اهـ وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَوَازُ لِأَنَّ مَنْ ارْتَابَ فِيهِ لَهُ عَزَلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْقَاضِي اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]
وَغَيْرِهِ
هَذَا أَيْضًا مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْوُجُودِ إلَّا بِقَاضِيَيْنِ، فَهُوَ كَالْمُرَكَّبِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ فَتْحٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ إمَّا نَقْلُ شَهَادَةٍ أَوْ نَقْلُ حُكْمٍ: نَعَمْ هُوَ مِنْ عَمَلِ الْقُضَاةِ فَكَانَ ذِكْرُهُ فِيهِ أَنْسَبَ اهـ وَحَيْثُ كَانَ مِنْ عَمَلِهِمْ فَكَيْفَ يَنْفِيهِ بَحْرٌ وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ كَوْنُهُ قَضَاءً وَالْمُثْبَتَ كَوْنُهُ مِنْ أَحْكَامِهِ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى كِتَابٍ ط.
(قَوْلُهُ إلَى الْقَاضِي) أَيْ الْبَعِيدِ بِمَسَافَةٍ يَأْتِي بَيَانُهَا وَأَفَادَ أَنَّ قَاضِيَ مِصْرٍ يَكْتُبُ إلَى مِثْلِهِ وَإِلَى قَاضِي الرُّسْتَاقِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ثُمَّ قَصَّ الْقِصَّةَ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْمِصْرِ فَجَاءَ بِهِ ثِقَةٌ يَعْرِفُهُ الْأَمِيرُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ إيجَابَ الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ وَلَا يَلِيقُ بِالْقَاضِي أَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ إلَى الْأَمِيرِ لِيُخْبِرَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا ثِقَةً كَانَ كَالْمُرْسَلِ فِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ، فَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كِتَابَهُ وَلَمْ يَجْرِ الرَّسْمُ فِي مِثْلِهِ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ فَشَرَطْنَا هُنَاكَ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي اهـ أَيْ شَرَطْنَا ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ فِي مِصْرٍ آخَرَ وَقَدْ أُسْقِطَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ عِبَارَةِ الْفَتْحِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْرِ الرَّسْمُ فِي مِثْلِهِ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ فَاخْتَلَّ نِظَامُ الْكَلَامِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ كُلِّ حَقٍّ) مِنْ نِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَقَتْلٍ مُوجَبُهُ مَالٌ وَأَعْيَانٌ وَلَوْ مَنْقُولَةً وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَبِهِ يُفْتَى لِلضَّرُورَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ فِي الْمَنْقُولِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ عِنْدَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَعَنْ الثَّانِي تَجْوِيزُهُ فِي الْعَبْدِ لِغَلَبَةِ الْإِبَاقِ فِيهِ لَا فِي الْأَمَةِ وَعَنْهُ تَجْوِيزُهُ فِي الْكُلِّ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ لَا تَكُونُ أَقْوَى مِنْ عِبَارَتِهِ وَهُوَ لَوْ أَخْبَرَ الْقَاضِي فِي مَحَلِّهِ لَمْ يُعْمَلْ بِإِخْبَارِهِ فَكِتَابُهُ أَوْلَى وَإِنَّمَا جَوَّزْنَاهُ لِأَثَرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِلْحَاجَةِ بَحْرٌ