(فَيَلْزَمُ أَهْلَ الْمَشْرِقِ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ) إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ أُولَئِكَ بِطَرِيقٍ مُوجِبٍ كَمَا مَرَّ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ: الْأَخْذُ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَحْوَطُ.
[فَرْعٌ] إذَا رَأَوْا الْهِلَالَ يُكْرَهُ أَنْ يُشِيرُوا إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَرَاهَةِ الْبَزَّازِيَّةِ.
بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ الْفَسَادُ وَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ سِيَّانِ (إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ) حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا) فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ قَبْلَ النِّيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا عَلَى الصَّحِيحِ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ إلَّا أَنْ يُذَكَّرَ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ -
ــ
[رد المحتار]
فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى قَبْلَهُمْ بِيَوْمٍ وَهَلْ يُقَالُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْأُضْحِيَّةِ لِغَيْرِ الْحُجَّاجِ؟ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَطَالِعِ إنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الصَّوْمِ لِتَعَلُّقِهِ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ يَلْزَمُ كُلَّ قَوْمٍ الْعَمَلُ بِمَا عِنْدَهُمْ فَتُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَإِنْ كَانَ عَلَى رُؤْيَا غَيْرِهِمْ هُوَ الرَّابِعَ عَشَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى ثُبُوتِ الْهِلَالِ أَيْ هِلَالِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَ " أَهْلَ الْمَشْرِقِ " مَفْعُولُهُ ح أَوْ يُلْزَمُ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ الْإِلْزَامِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَبِرُؤْيَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيُلْزَمُ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقٍ مُوجِبٍ) كَأَنْ يَتَحَمَّلَ اثْنَانِ الشَّهَادَةَ أَوْ يَشْهَدَا عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي أَوْ يَسْتَفِيضَ الْخَبَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَا أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةِ كَذَا رَأَوْهُ؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةٌ ح.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ شَهِدَا أَنَّهُ شَهِدَ ح (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِقَصْدِ دَلَالَةِ مَنْ لَمْ يَرَهُ وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ ط وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ]
الْمُفْسِدُ هُنَا قِسْمَانِ: مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فَقَطْ، أَوْ مَعَ الْكَفَّارَةِ. وَغَيْرُ الْمُفْسِدِ قِسْمَانِ أَيْضًا: مَا يُبَاحُ فِعْلُهُ، أَوْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: الْفَسَادُ وَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ سِيَّانِ) أَمَّا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ أَثَرُ الْمُعَامَلَةِ عَلَيْهَا فَهُوَ الْبُطْلَانُ، وَإِنْ تَرَتَّبَ فَإِنْ كَانَ مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ شَرْعًا فَهُوَ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَهُوَ الصِّحَّةُ ح عَنْ الْبَحْرِ.
بَيَانُهُ لَوْ بَاعَ مَيْتَةً فَإِنَّ أَثَرَ الْمُعَامَلَةِ هُنَا وَهُوَ الْمِلْكُ غَيْرُ مُتَرَتِّبٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطٍ فَاسِدٍ وَسَلَّمَهُ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا وَهُوَ وَاجِبُ التَّفَاسُخِ وَلَوْ بِدُونِ شَرْطٍ مَلَكَهُ صَحِيحًا (وَقَوْلُهُ: إذَا أَكَلَ) شَرْطٌ جَوَابُهُ قَوْلُهُ الْآتِي لَمْ يُفْطِرْ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: نَاسِيًا) أَيْ لِصَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَاكِرٌ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فِي الْفَرْضِ) وَلَوْ قَضَاءً أَوْ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ النِّيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا) قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ رَأَى مُكَلَّفٌ هِلَالَ رَمَضَانَ إلَخْ وَصَوَّرَهَا فِي الْمُتَلَوِّمِ تَبَعًا لِلْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الصَّائِمِ إذَا ظَهَرَتْ رَمَضَانِيَّةُ الْيَوْمِ بَعْدَمَا أَكَلَ نَاسِيًا ثُمَّ نَوَى فَيُتَصَوَّرُ مِنْهُ النِّسْيَانُ أَيْ نِسْيَانُ تَلَوُّمِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ الْمُتَنَفِّلِ فَإِنَّهُ لَوْ أَكَلَ قَبْلَ النِّيَّةِ لَا يُسَمَّى نَاسِيًا وَكَذَا فِي صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ النِّسْيَانُ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ وَالْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ قَبْلَ النِّيَّةِ وَقَدْ نَقَلَ تَصْحِيحَهُ أَيْضًا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ، وَقِيلَ إذَا ظَهَرَتْ رَمَضَانِيَّتُهُ لَا يَجْزِيه وَبِهِ جَزَمَ فِي السِّرَاجِ وَتَبِعَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَنَظَمَ ابْنُ وَهْبَانَ الْقَوْلَيْنِ مَعَ حِكَايَةِ التَّصْحِيحِ لِلْأَوَّلِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُذَكَّرْ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ) أَيْ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا فَذَكَّرَهُ إنْسَانٌ بِالصَّوْمِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ فَأَكَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute