قُلْت: وَيَنْبَغِي حِنْثُهُ بِالْبَعِيرِ فِي مِصْرَ وَالشَّامِ وَبِالْفِيلِ فِي الْهِنْدِ لِلتَّعَارُفِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الدَّابَّةِ مُكْرَهًا فَلَا حِنْثَ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا أَوْ بِعَكْسِهِ لِأَنَّ الْفَرَسَ اسْمٌ لِلْعَرَبِيِّ وَالْبِرْذَوْنَ اسْمٌ لِلْعَجَمِيِّ، وَالْخَيْلُ يَعُمُّ هَذَا لَوْ يَمِينُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ حَنِثَ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا حَنِثَ بِكُلِّ مَرْكَبٍ سَفِينَةً أَوْ مَحْمَلًا أَوْ دَابَّةً سِوَى الْآدَمِيِّ، وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَيَوَانًا أَوْ دَابَّةً.
بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ (ثُمَّ الْأَكْلُ إيصَالُ مَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ بِفِيهِ إلَى الْجَوْفِ) كَخُبْزٍ وَفَاكِهَةٍ (مَضَغَ أَوْ لَا) أَيْ وَإِنْ ابْتَلَعَهُ بِغَيْرِ مَضْغٍ (وَالشُّرْبُ إيصَالُ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْأَكْلَ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَى الْجَوْفِ) كَمَاءٍ وَعَسَلٍ، فَفِي حَلِفٍ لَا يَأْكُلُ بَيْضَةً حَنِثَ بِبَلْعِهَا
ــ
[رد المحتار]
بِالْحِمَارِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مُسَافِرًا أَنْ يَحْنَثَ بِالْجَمَلِ بِلَا نِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حِنْثُهُ بِالْبَعِيرِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرْكَبُ الْبَعِيرَ كَالْمُسَافِرِ وَالْجَمَّالِ وَأَهْلِ الْبَدْوِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُمِلَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الرُّكُوبِ فَرَكِبَ حَنِثَ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ قَرِيبًا فَالْيَمِينُ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ، نَعَمْ فِي بَعْضٍ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا فَرَكِبَ سَفِينَةً قَالَ الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ لَكِنَّ الْعُرْفَ الْآنَ الْمَرْكَبُ خَاصٌّ بِالسَّفِينَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا فِي الْبَابِ الْآتِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ]
لَمْ يَذْكُرْ مَسَائِلَ اللُّبْسِ هُنَا بَلْ ذَكَرَهَا فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ اللُّبْسِ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَذِكْرَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَكْلُ) تَرْتِيبٌ إخْبَارِيٌّ ط (قَوْلُهُ إلَى الْجَوْفِ) . مُتَعَلِّقٌ بِإِيصَالٍ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ كَذَا أَوْ لَا يَشْرَبُ فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ وَمَضَغَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُدْخِلَهُ فِي جَوْفِهِ لِأَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَكْلًا بَلْ يَكُونُ ذَوْقًا ط عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَمَاءٍ وَعَسَلٍ) أَيْ غَيْرِ جَامِدٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَأْكُولٌ تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ الْمَائِعَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ إنَّمَا يُسَمَّى مَشْرُوبًا إذَا تَنَاوَلَهُ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَأْكُولٌ وَكَذَا عَكْسُهُ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا اللَّبَنَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعَسَلَ أَوْ الْخَلَّ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ وَلَوْ أَكَلَهُ بِانْفِرَادِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ شُرْبٌ لَا أَكْلٌ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْخُبْزَ فَجَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ شُرْبٌ لَا أَكْلٌ اهـ وَفِي الْفَتْحِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ ثَرَدَ فِيهِ فَأَوْصَلَهُ إلَى جَوْفِهِ حَنِثَ اهـ وَقَوْلُهُ ثَرَدَ فِيهِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ فَتَّ الْخُبْزَ فِيهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ فَطَبَخَ بِهِ أُرْزًا فَأَكَلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ مَاءً وَإِنْ كَانَ يَرَى عَيْنَهُ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ جُبْنًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ. حَلَفَ لَا يَأْكُلُ السَّمْنَ فَأَكَلَ سَوِيقًا مَلْتُوتًا بِالسَّمْنِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ السَّمْنُ مُسْتَبِينًا يَجِدُ طَعْمَهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَهْلَكٍ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ سَالَ مِنْهُ السَّمْنُ حَنِثَ وَإِلَّا لَا وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ قَالَ أَيْ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْأُرْزِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ اهـ.
قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا كَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَخَلٍّ فَإِنْ شَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ تَنَاوَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ كَأَكْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ حَنِثَ، وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ طَعْمَهُ أَوْ بِأَنْ لَا يَنْعَصِرَ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ السَّائِحَانِيُّ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ أَرْفَقُ وَلِذَا مَشَتْ عَلَيْهِ الشُّرُوحُ اهـ وَأَمَّا لَوْ خَلَطَ مَأْكُولًا بِمَأْكُولٍ آخَرَ فَيَأْتِي بِبَيَانِهِ فِي الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ (قَوْلُهُ فَفِي حَلِفِهِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْأَكْلِ ط (قَوْلُهُ حَنِثَ بِبَلْعِهَا) أَيْ مَعَ قِشْرِهَا أَوْ بِدُونِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute