طُولُ التَّشَاجُرِ لَا يَقْطَعُ الْفَوْرَ، وَكَذَا لَوْ خَافَتْ فَوْتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ شَرْعًا وَكَذَا عُرْفًا.
(مُرَكَّبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) وَالْمُكَاتَبِ (لَيْسَ لِمَوْلَاهُ فِي حَقِّ الْيَمِينِ إلَّا) بِشَرْطَيْنِ (إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا وَ) قَدْ (نَوَاهُ) فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ (حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَالْيَمِينُ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ) عُرْفًا مِنْ فَرَسٍ وَحِمَارٍ (فَلَوْ رَكِبَ ظَهْرَ إنْسَانٍ) أَوْ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ فِيلًا (لَا يَحْنَثُ) اسْتِحْسَانًا إلَّا بِالنِّيَّةِ ظَهِيرِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
عِبَارَتُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا لَمْ تَجِيئِي إلَى الْفِرَاشِ هَذِهِ السَّاعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُمَا فِي التَّشَاجُرِ فَطَالَ بَيْنَهُمَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَتْ إلَى الْفِرَاشِ لَا يَحْنَثُ اهـ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ فَيَنْبَغِي تَقَيُّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ تَسْكُنْ شَهْوَتُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا الْبَوْلُ فَبَالَتْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقِيلَ الصَّلَاةُ تَقْطَعُ الْفَوْرَ لِأَنَّهَا عَمَلٌ آخَرُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَاشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) أَيْ إذَا خَافَتْ فَوْتَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَهَذَا تَكْرَارٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ وَهِيَ تُصَلِّي تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ اشْتَغَلَتْ بِالتَّطَوُّعِ أَوْ بِالْوُضُوءِ أَوْ أَكَلَتْ أَوْ شَرِبَتْ حَنِثَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ شَرْعًا. اهـ.
مَطْلَبُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ
(قَوْلُهُ مَرْكَبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَنْوِيَهَا. الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمَوْلَى لَكِنَّهُ يُضَافُ لِلْعَبْدِ عُرْفًا وَكَذَا شَرْعًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ» الْحَدِيثَ فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ إذْ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَهُمَا هِدَايَةٌ.
قُلْت: وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَيَحْنَثُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ إذَا نَوَاهُ بِالْأَوْلَى اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ هُنَا، وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةَ مُكَاتَبِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ بِمُضَافٍ إلَى الْمَوْلَى لَا ذَاتًا وَلَا يَدًا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَاهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ دَابَّتَهُ مِلْكٌ لَهُ لَا لِمَوْلَاهُ وَلِذَا يَضْمَنُهَا الْمَوْلَى بِالْإِتْلَافِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيَّ قَالَ: وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمَأْذُونِ تُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ مَرْكَبَ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الدَّابَّةِ لِمَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ إذَا قَالَ دَابَّةَ فُلَانٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَهُ بِالرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْحِمَارُ وَالْبَغْلُ وَالْفَرَسُ، فَيُقَيَّدُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَمَلُ مِمَّا يُرْكَبُ أَيْضًا فِي الْأَسْفَارِ وَبَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْجَمَلِ إلَّا إذَا نَوَاهُ، وَكَذَا الْفِيلُ وَالْبَقَرُ إذَا نَوَاهُ حَنِثَ وَإِلَّا لَا، وَيَنْبَغِي إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ الْبَدْوِ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى الْجَمَلِ أَيْضًا بِلَا نِيَّةٍ لِأَنَّ رُكُوبَهُ مُعْتَادٌ لَهُمْ، وَكَذَا إنْ كَانَ حَضَرِيًّا جَمَّالًا وَالْمَحْلُوفُ عَلَى دَابَّتِهِ جَمَّالٌ دَخَلَ فِي يَمِينِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَإِذَا كَانَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ انْعِقَادَهَا عَلَى الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ بِأَنْ نَوَى الْحِمَارَ دُونَ الْفَرَسِ مَثَلًا لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُصُوصِ لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ اللَّفْظِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي كَذَا فِي الْفَتْحِ.
قُلْت: أَيْ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ عَلَى الْعُرْفِ هُوَ لَفْظُ أَرْكَبُ لَا لَفْظُ دَابَّةٍ فَإِنَّ لَفْظَ دَابَّةٍ يَشْمَلُ الْكُلَّ عُرْفًا وَلُغَةً وَإِنَّمَا خَصَّصَ الْعُرْفُ لَفْظَ أَرْكَبُ بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْضَهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْفِعْلِ وَلَا عُمُومَ لَهُ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ، ثُمَّ حَيْثُ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْعُرْفِ الْمُعْتَادِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَالِفَ لَوْ كَانَ لَيْسَ مِمَّنْ يَرْكَبُ الْحِمَارَ أَنْ لَا يَحْنَثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute