للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهَا أَقْمِشَتَهَا فَقَبِلَ لَمْ تَحْرُمْ، وَيُشْتَرَطُ كَتْبُهُ الصَّكَّ وَرَدُّ الْأَقْمِشَةِ فِي الْمَجْلِسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الظِّهَارِ:

هُوَ لُغَةً مَصْدَرُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ: إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. -.

ــ

[رد المحتار]

وَالْمُبَارَأَةُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ خَلَعْتُكِ عَلَى عَبْدِي وُقِفَ عَلَى قَبُولِهَا وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْمُجْتَبَى مَا يُؤَيِّدُهُ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا صَحَّ وَلَزِمَ الزَّوْجَ عِشْرُونَ، دَلِيلُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ: خَالَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفًا لَا شُفْعَةَ فِيهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ يَصِحُّ. وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ: ادَّعَتْ عَلَيْهِ نِكَاحًا وَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَدَلِهِ لَهَا لَمْ يَجُزْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جَازَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى تُخَالِفُ الْمُتَقَدِّمَ، وَالتَّوْفِيقُ أَنَّهَا إذَا خَالَعَتْ عَلَى بَدَلٍ يَجُوزُ إيجَابُ الْبَدَلِ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ.

وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فِي الْخُلْعِ يَكُونُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ الْعِدَّةَ، أَمَّا إذَا خَالَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَمْ تَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَهَذَا مِنْ الْحُسْنِ بِمَكَانٍ النَّهْرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْبَدَلِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مِنْ جِهَتِهَا فَإِنَّهَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِمَا تَدْفَعُهُ لَهُ، وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ بَائِنًا، حَتَّى لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُهُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ، أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ، وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ لَهَا مَالًا يُجْعَلُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَدَلَ النَّفَقَةِ يُجْعَلُ تَقْدِيرًا لِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، إلَّا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ مُخَالَعًا عَلَيْهَا أَيْضًا فَلَا يَجِبُ الزَّائِدُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ، وَطَرِيقُهُ بِالْحَمْلِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ زَادَ عَلَى مَهْرِهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ قَبْلَ الْخُلْعِ ثُمَّ خَالَعَ تَصْحِيحًا لِلْخُلْعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ اهـ وَقَوْلُهُ " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفَقَةِ " أَيْ إذَا خَالَعَهَا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهُوَ تَقْدِيرٌ لَهَا كَمَا مَرَّ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّطْوِيلِ وَتَلْحَقُ الزِّيَادَةُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكْتُبَ لَهَا صَكًّا فِيهِ ذَلِكَ. وَالصَّكُّ: الْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقَارِيرِ، جَمْعُهُ صُكُوكٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَصِكَاكٌ كَسَهْمٍ وَسِهَامٍ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ) أَيْ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ الصَّكِّ وَرَدِّ الْأَقْمِشَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ ح، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الظِّهَارِ]

مُنَاسَبَتُهُ لِلْخُلْعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ عَنْ النُّشُوزِ ظَاهِرًا، أَوْ قَدَّمَ الْخُلْعَ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي بَابِ التَّحْرِيمِ، إذْ هُوَ تَحْرِيمٌ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَهَذَا مَعَ بَقَائِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً إلَخْ) هَذَا أَحَدُ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّ " ظَاهَرَ " مُفَاعَلَةٌ مِنْ الظَّهْرِ فَيُقَالُ ظَاهَرْتُهُ إذَا قَابَلْتَ ظَهْرَكَ لِظَهْرِهِ حَقِيقَةً وَإِذَا غَايَظْتَهُ لِأَنَّ الْمُغَايَظَةَ تَقْتَضِي هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ وَإِذَا نَصَرْته لِأَنَّهُ يُقَالُ قَوِيَ ظَهْرُهُ إذَا نَصَرَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِيهِ: وَإِنَّمَا عُدِّيَ بِمِنْ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى التَّبْعِيدِ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا وَهُوَ مُبْعَدٌ. اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِصْبَاحِ: وَإِنَّمَا خُصَّ بِذِكْرِ الظَّهْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّابَّةِ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ وَقْتَ الْغِشْيَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>