للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ فِي زَمَنِ الْمُبَاشَرَةِ وَالْحِلِّ لِلْأَغْنِيَاءِ، وَشَبَهُ الصِّلَةِ فَلَوْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ لَا تُسْتَرَدُّ الْمُعَجَّلَةُ، وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً وَتَمَامُهُ فِيهَا.

[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ]

يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ وَمِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ إلَّا إذَا وُقِفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ اخْتِيَارٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُرَتَّبِ الْكَثِيرِ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ فَلْيُحْفَظْ.

لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّرِ الْأَخْذُ إلَّا النَّظَرَ عَلَى الْوَاقِفِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُدَرِّسُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي زَمَنِ الْمُبَاشَرَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ اعْتِبَارَ شَبَهِهَا بِالْأُجْرَةِ مِنْ حَيْثُ حِلُّ تَنَاوُلِهَا لِلْأَغْنِيَاءِ إذْ لَوْ كَانَتْ صَدَقَةً مَحْضَةً لَمْ تَحِلَّ لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُدَرِّسَ لَوْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَظُهُورِهَا مِنْ الْأَرْضِ، يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ، وَيَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَالْأَجِيرِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ صِلَةً مَحْضَةً لَمْ يُعْطَ شَيْئًا لِأَنَّ الصِّلَةَ لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الْقَاضِي إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ رِزْقُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَبَهُ الْأُجْرَةِ لَهُ لِعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، أَمَّا عَلَى التَّدْرِيسِ، وَهُوَ التَّعْلِيمُ فَأَجَازَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَبِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ ظُهُورِ الْغَلَّةِ سَقَطَ أَيْضًا لِأَنَّهُ صِلَةٌ مَحْضَةٌ كَمَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ، وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاتَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَوْفِيَا وَظِيفَتَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تُسْتَرَدُّ الْمُعَجَّلَةُ) أَيْ لَوْ قَبَضَ جَامَكِيَّةَ السَّنَةِ بِتَمَامِهَا، وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الصِّلَةَ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَيَحِلُّ لَهُ لَوْ فَقِيرًا كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةً مَحْضَةً اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا بَقِيَ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً مِنْ ابْتِدَائِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَبَدًا وَنَحْوُهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ كَمَا مَرَّ تَحْرِيرُهُ، وَأَشَرْنَا إلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ صَرْفِ الْغَلَّةِ لِمُعَيِّنٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ صَرْفِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ قَائِمًا مَقَامَهُمْ، فَصَارَ فِي مَعْنَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُمْ هَذَا غَايَةُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهْمِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِيهَا) قَدَّمْنَا حَاصِلَهُ

(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ إعْطَاءُ نِصَابٍ لِفَقِيرٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَأَشْبَهَ الزَّكَاةَ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ أَشْبَاهٌ وَلِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ فَيَأْخُذُونَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُرَتَّبِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَتَّبُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَلَا شُبْهَةَ فِي جَوَازِ مَا رَتَّبَهُ، وَإِنْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ كَالْمُتَوَلِّي، فَلَا يَجُوزُ النِّصَابُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ الْمُرَتَّبُ إعْطَاءُ شَيْءٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَةٍ بَلْ لِصَلَاحِ الْمُعْطِي أَوْ عِلْمِهِ أَوْ فَقْرِهِ وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ الرُّومِ الزَّوَائِدُ اهـ:

مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ إلَّا النَّظَرَ

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ إلَخْ) يَعْنِي وَظِيفَةً حَادِثَةً لَمْ يَشْرِطْهَا الْوَاقِفُ أَمَّا لَوْ قَرَّرَ فِي وَظِيفَةٍ مَشْرُوطَةٍ جَازَ إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ التَّقْرِيرَ لِلْمُتَوَلِّي كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ، وَهَذَا أَيْ عَدَمُ التَّقْرِيرِ بِغَيْرِ شَرْطٍ إذَا لَمْ يَقُلْ وَقَفْتُ عَلَى مَصَالِحِهِ، فَلَوْ قَالَ يَفْعَلُ الْقَاضِي كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهِ اهـ وَهَذَا أَيْضًا فِي غَيْرِ أَوْقَافِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ أَمَّا هِيَ فَهِيَ أَوْقَافٌ صُورِيَّةٌ لَا تُرَاعَى شُرُوطُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ: إلَّا النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ) اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْإِحْدَاثِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ، أَمَّا مَا دَعَتْ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ كَخِدْمَةِ الرَّبْعَةِ الشَّرِيفَةِ وَقِرَاءَةِ الْعُشْرِ وَالْجِبَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>