بَابُ الْعِنِّينِ
وَغَيْرِهِ (هُوَ) لُغَةً مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ فِعِّيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ جَمْعُهُ عُنُنٌ. وَشَرْعًا (مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِ فَرْجِ زَوْجَتِهِ) يَعْنِي لِمَانِعٍ مِنْهُ كَكِبْرِ سِنٍّ، أَوْ سِحْرٍ، إذْ الرَّتْقَاءُ لَا خِيَارَ لَهَا لِلْمَانِعِ مِنْهَا خَانِيَّةٌ. (إذَا وَجَدَتْ) الْمَرْأَةُ (زَوْجَهَا مَجْبُوبًا) ، أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ فَقَطْ أَوْ صَغِيرَهُ جِدًّا كَالزِّرِّ، وَلَوْ قَصِيرًا لَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُهُ دَاخِلَ الْفَرْجِ فَلَيْسَ لَهَا الْفُرْقَةُ بَحْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
ــ
[رد المحتار]
[بَابُ الْعِنِّينِ]
ِ وَغَيْرِهِ:
شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَنْ بِهِ مَرَضٌ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) الْأَوْلَى وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِ زَوْجَتِهِ: كَالْمَجْبُوبِ، وَالْخَصِيِّ، وَالْمَسْحُورِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالشَّكَّازِ - كَشَدَّادٍ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ -: مَنْ إذَا حَدَّثَ الْمَرْأَةَ أَنْزَلَ قَبْلَ أَنْ يُخَالِطَهَا قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجِمَاعِ) أَيْ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِعِّيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عُنَّ بِمَعْنَى حُبِسَ لَا مِنْ عَنَّ بِمَعْنَى أَعْرَضَ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَسُمِّيَ عِنِّينًا لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ أَيْ يَعْتَرِضُ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ. وَالْعُنَّةُ: بِالضَّمِّ حَظِيرَةٌ لِلْإِبِلِ وَالْخَيْلِ، فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَوْ عُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ يُخَرَّجُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَنَّ عَنْ الشَّيْءِ يَعِنُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ: إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَانْصَرَفَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. اهـ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ " بِهِ عُنَّةٌ " - وَفِي كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ مَا يُشْبِهُهُ - كَلَامٌ سَاقِطٌ. وَالْمَشْهُورُ رَجُلٌ عِنِّينٌ بَيِّنُ التَّعْنِينِ وَالْعِنِينَةِ (قَوْلُهُ: جَمْعُهُ عُنُنٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: عَلَى جِمَاعِ فَرْجِ زَوْجَتِهِ) - أَيْ مَعَ وُجُودِ الْآلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَقُومُ أَوْ لَا - أَخْرَجَ الدُّبُرَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُنَّةِ بِالْإِدْخَالِ فِيهِ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ مِعْرَاجٌ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ، لَكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَمْنُوعًا عَنْ الْإِدْخَالِ فِي الْفَرْجِ لِسِحْرٍ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى جِمَاعِ غَيْرِهَا دُونَهَا، أَوْ عَلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ: إذَا أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فَقَطْ فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إيلَاجِ بَقِيَّةِ الذَّكَرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِقَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا قَطَعَتْ ذَكَرَهُ، وَإِطْلَاقُ الْمَجْبُوبِ يَشْمَلُهُ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا يُنَافِيهِ، وَلَهُ نَظِيرَانِ:
أَحَدُهُمَا لَوْ خَرَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ.
الثَّانِي لَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَلَا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِمَانِعٍ مِنْهُ) أَيْ فَقَطْ؛ فَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْهَا فَقَطْ، أَوْ مِنْهُمَا جَمِيعًا كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ: أَوْ سِحْرٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَهُوَ عِنِّينٌ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فِي حَقِّهَا، فَإِنَّ السِّحْرَ عِنْدَنَا حَقٌّ وُجُودَهُ وَتَصَوُّرَهُ وَتَكَوُّنَ أَثَرِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ: إذْ الرَّتْقَاءُ) أَيْ الَّتِي وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا وَالْقَرْنَاءُ مِثْلُهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَجْبُوبًا) فِي الْمِصْبَاحِ جَبَبْته جَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ: قَطَعْته وَهُوَ مَجْبُوبٌ بَيِّنُ الْجِبَابِ - بِالْكَسْرِ -: إذَا اُسْتُؤْصِلَتْ مَذَاكِيرُهُ اهـ فَالْمَصْدَرُ هُوَ الْجَبُّ وَالِاسْمُ هُوَ الْجِبَابُ فَافْهَمْ، وَالْمَذَاكِيرُ جَمْعُ ذَكَرٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الذَّكَرُ وَالْخُصْيَتَانِ تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ فَقَطْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى هَذَا الْحُكْمَ اهـ وَهَذَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَهُ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ صَغِيرَ الذَّكَرِ، وَقَوْلُهُ: جِدًّا أَيْ نِهَايَةً وَمُبَالَغَةً مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: كَالزِّرِّ) بِالزَّايِ الْمَكْسُورَةِ وَاحِدُ الْأَزْرَارِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَشَارَ إلَى مَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ.
أَقُولُ: إنَّ هَذَا حَالُهُ دُونَ حَالِ الْعِنِّينِ لِإِمْكَانِ زَوَالِ عُنَّتِهِ فَيَصِلُ إلَيْهَا. وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ هُنَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَجْبُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute