للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُرُوعٌ] الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَالسُّكُوتِ لِاسْتِلْحَاقِ نَسَبِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ بَحْرٌ. وَفِيهِ مَتَى سَقَطَ اللِّعَانُ بِوَجْهٍ مَا، أَوْ ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ لَمْ يَنْتَفِ نَسَبُهُ أَبَدًا، فَلَوْ نَفَاهُ وَلَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ فَحُدَّ فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَلَا يَنْتَفِي بَعْدَ ذَلِكَ. .

نَفَى نَسَبَ التَّوْأَمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ تَوْأَمِهِ وَأُمِّهِ وَأَخٍ لِأُمٍّ فَالْإِرْثُ أَثْلَاثًا فَرْضًا وَرَدًّا لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ نَفْيَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَصَبَةً، قَالُوا وَصَرَّحُوا بِبَقَاءِ نَسَبِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ لِقِيَامِ فِرَاشِهَا إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ فَقَطْ، حَتَّى لَا تَصِحَّ دَعْوَةُ غَيْرِ النَّافِي وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ انْتَهَى قُلْت: قَالَ الْبَهْنَسِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، أَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُلَاعِنِ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

نَسَبُهُ مِنْهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ إلَخْ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ مَا) كَعَدَمِ صُلُوحِ أَحَدِهِمَا لِلشَّهَادَةِ، أَوْ عَدَمِ الْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ) أَيْ ضِمْنًا لِأَنَّ حَدَّ قَاذِفِهَا يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ: فَالْإِرْثُ أَثْلَاثًا إلَخْ) الْإِرْثُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " يَكُونُ "، أَوْ " يَثْبُتُ ". وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ: حُكْمُك مُسَمَّطًا، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ هَذَا إلَى شَهَادَاتِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ مَعْزِيًّا إلَى الِاخْتِيَارِ، لَكِنْ نَسَبَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَوَّلَ إلَى عُلَمَائِنَا وَنَسَبَ الثَّانِيَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: يُرَدُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، فَيَخُصُّ كُلًّا ثُلُثٌ، فَالْمَسْأَلَةُ الْفَرْضِيَّةُ مِنْ سِتَّةٍ وَالرَّدِّيَّةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ ط (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ جَرَى فِي التَّوْأَمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ عَنْ أَخِيهِ التَّوْأَمِ لَكَانَ عَصَبَةً يَأْخُذُ الثُّلُثَيْنِ وَقَطْعُ النَّسَبِ عَنْ أَخِيهِ التَّوْأَمِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِأَبِيهِمَا، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ) فَيَبْقَى النَّسَبُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْمَلَاعِنِ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ وَعَدَمِ اللُّحُوقِ بِالْغَيْرِ، حَتَّى لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَلَا صَرْفُ زَكَاةِ مَالِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ بِقَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ الْمُلَاعِنَةِ ابْنٌ وَلِلزَّوْجِ بِنْتٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِتِلْكَ الْبِنْتِ، وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ هَذَا الْوَلَدَ لَا يَصِحُّ إنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ فَتْحٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ فِرَاشِهَا) أَيْ لِثُبُوتِ كَوْنِهَا فِرَاشًا: أَيْ زَوْجَةً وَقْتَ الْوِلَادَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُسَمَّى فِرَاشًا لِلْآخَرِ كَمَا يُسَمَّى لِبَاسًا.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ ثَبَتَ شَرْعًا، بِخِلَافِ الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ وَظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا تَصِحَّ دَعْوَةُ غَيْرِ النَّافِي) أَمَّا دَعْوَةُ النَّافِي فَتَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَنْفِيُّ كَبِيرًا جَاحِدًا لِلنَّسَبِ مِنْ النَّافِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَهْنَسِيُّ إلَخْ) كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ الْبَهْنَسِيِّ عَلَى الْمُلْتَقَى غَيْرَ مَعْزِيٍّ لِأَحَدٍ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا فَإِنَّهُ قَالَ - بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ -: وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى مِمَّنْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَلَاعِنِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ وَهُوَ مَقْطُوعُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَوَقَعَ الْإِيَاسُ مِنْ ثُبُوتِهِ مِنْ الْمُلَاعِنِ وَثُبُوتُهُ مِنْ أُمِّهِ لَا يُنَافِيهِ،. اهـ. أَيْ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>