[فُرُوعٌ] الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ
بَرْهَنَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُبَرْهِنُوا أَنَّهُ كَانَ مَعَ الْحَيِّ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ بَرْهَنُوا عَلَى الْإِرْثِ وَالْحَيُّ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ فَتْحٌ.
تَصَرَّفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبَلَدِ وَالْآخَرُ فِي السَّفَرِ وَأَرَادَ الْقِسْمَةَ فَقَالَ ذُو الْيَدِ قَدْ اسْتَقْرَضْت أَلْفًا فَالْقَوْلُ لَهُ: إنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ.
ــ
[رد المحتار]
الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَامِلِ أَنَّهُ إنَّمَا عَمِلَ الْجَمِيعُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يُعْطِيَهُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخِيبَ ظَنُّهُ.
[فُرُوعٌ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ]
(قَوْلُهُ: الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ شَارَكَهُ مُفَاوَضَةً فَالْقَوْلُ لِلْجَاحِدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْعَقْدَ وَاسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: بَرْهَنَ الْوَرَثَةُ إلَخْ) أَيْ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الْحَيِّ فَبَرْهَنَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِعَقْدٍ عُلِمَ ارْتِفَاعُهُ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّهُ لَا حُكْمَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ فِيمَا مَضَى لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا إلَّا أَنْ يُبَرْهِنُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ شَهِدُوا بِالنِّصْفِ لِلْمَيِّتِ وَوَرَثَتُهُ خُلَفَاؤُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بَرْهَنُوا عَلَى الْإِرْثِ) يَعْنِي وَالْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ) أَيْ تَرْجِيحًا لِبَيِّنَةٍ عَلَى بَيِّنَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ يَدَّعِي نِصْفَ الْمَالِ عَلَى ذِي الْيَدِ بِعَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ مَعَ الْمُوَرِّثِ.
(قَوْلُهُ: تَصَرَّفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِكَوْنِهِ تَصَرَّفَ فِي الْبَلَدِ، وَالْآخَرُ فِي السَّفَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ صُورَةَ الْوَاقِعَةِ، أَوْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْقَوْلَ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ بِمَا صَنَعَ. مَطْلَبٌ إذَا قَالَ الشَّرِيكُ اسْتَقْرَضْت أَلْفًا فَالْقَوْلُ إنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ إنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَمِينٌ، فَقَدْ ادَّعَى أَنَّ الْأَلْفَ حَقُّ الْغَيْرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ لِي فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي فِي يَدَيَّ كَذَا يُقْبَلُ أَيْضًا كَمَا يُقْبَلُ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ تَأَمَّلْ. وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَبِهِ أَفْتَيْت رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ.
وَأَفْتَى أَيْضًا فِي الْخَيْرِيَّةِ فِيمَا إذَا قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ كُنْت اسْتَدَنْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا لِلشَّرِكَةِ وَدَفَعْت لَهُ دَيْنَهُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ مَا يَجُوزُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ: لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدُهُمَا مَالًا لَزِمَهُمَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ تِجَارَةٌ وَمُبَادَلَةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ يُمَلِّكُ الْمُسْتَقْرِضَ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهِ فَشَابَهُ الْمُصَارَفَةَ أَوْ الِاسْتِعَارَةَ، وَأَيُّهُمَا كَانَ نَفَذَ عَلَى صَاحِبِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ، لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إنِّي اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً لِإِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَيْهِ لَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِدَانَةِ تَوْكِيلٌ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالتَّكَدِّي إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ رَسُولًا وَالْمُسْتَقْرِضُ هُوَ الْمُرْسِلَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ خَاصَّةً، فَكَانَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ وَهُوَ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ فَصَارَ الْإِذْنُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً اهـ.
قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ الِاسْتِقْرَاضَ