للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُ أُخْتِهَا فِي الْأَصَحِّ، فَتَرِثُهُ لَوْ مَاتَ دُونَ الْمُعْتَدَّةِ

[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ جَاءَ مِنْ بَابِ أَعَدَّ وَمَدَّ وَفَرَّ، وَرُوِيَ بِالْجِيمِ، وَهُوَ لُغَةً كَمَا فِي الْقَامُوسِ: تَرْكُ الزِّينَةِ لِلْعِدَّةِ. وَشَرْعًا تَرْكُ الزِّينَةِ وَنَحْوِهَا لِمُعْتَدَّةِ بَائِنٍ، أَوْ مَوْتٍ.

(تَحُدُّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا مَرَّ (مُكَلَّفَةٌ مُسْلِمَةٌ - وَلَوْ أَمَةً - مَنْكُوحَةٌ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَدَخَلَ بِهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ.

ــ

[رد المحتار]

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِخَبَرَيْهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخَبَرِهِ فِيمَا هُوَ حَقُّهُ وَحَقُّ الشَّرْعِ وَبِخَبَرِهَا فِي حَقِّهَا مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الِاخْتِلَافِ مَعَ زَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ: ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي النَّسَبِ أَصْلِيٌّ كَحَقِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِوَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلَا يَنْفُذُ نِكَاحُ أُخْتِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا فِي خَبَرِهِ شَرْعًا، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ، فَكَأَنَّهُ وَجَبَتْ فِي حَقِّهَا بِسَبَبِ الْعِدَّةِ وَفِي حَقِّهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَمَاتَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأُخْتِ، وَقِيلَ: إنْ قَالَ هَذَا فِي الصِّحَّةِ فَالْمِيرَاثُ لِلْأُخْتِ وَإِلَّا فَلِلْمُعْتَدَّةِ، فَإِذَا قُضِيَ بِهِ لِلْمُعْتَدَّةِ قِيلَ: يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأُخْتِ وَالْأَصَحُّ لَا لِتَصَوُّرِ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَوْ وَلَدَتْ الَّتِي أَقَرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ يَفْسُدُ نِكَاحُ أُخْتِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا.

ثَانِيَتُهُمَا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَمَاتَ تَرِثُهُ الْأُخْتُ دُونَ الْمُعْتَدَّةِ، وَقِيلَ: هَذَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ، فَلَوْ فِي مَرَضِهِ صَارَ فَارًّا فَتَرِثُهُ الْمُعْتَدَّةُ، وَإِذَا وَرَثَتُهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِهَا كَوْنُهُ بِطَرِيقِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يَفْسُدَ نِكَاحُ الْأُخْتِ لِتَصَوُّرِهِ بِطَرِيقٍ آخَرَ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اخْتِصَارًا مُخِلًّا. وَصَوَابُ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ مَاتَ تَرِثُهُ الْأُخْتُ، وَقِيلَ: الْمُعْتَدَّةُ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُ أُخْتِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَفَسَدَ نِكَاحُ أُخْتِهَا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ]

ِ لَمَّا ذَكَرَ نَفْسَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَكَيْفِيَّةَ وُجُوبِهَا أَخَذَ يَذْكُرُ مَا وَجَبَ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَدَّاتِ، فَإِنَّهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْلِ وُجُوبِهَا فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: جَاءَ مِنْ بَابِ أَعَدَّ وَمَدَّ وَفَرَّ) أَيْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ الْمَزِيدِ وَمِنْ الْمُجَرَّدِ الَّذِي كَنَصَرَ، أَوْ كَضَرَبَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَحَدَّتْ الْمَرْأَةُ إحْدَادًا فَهِيَ مُحِدٌّ وَمُحِدَّةٌ إذَا تَرَكَتْ الزِّينَةَ لِمَوْتِهِ، وَحَدَّتْ تَحُدُّ وَتَحِدُّ حِدَادًا بِالْكَسْرِ فَهِيَ حَادٌّ بِغَيْرِهَا، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الثُّلَاثِيَّ فَاقْتَصَرَ عَلَى الرُّبَاعِيِّ اهـ وَلِذَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ بِالْجِيمِ) أَيْ مِنْ جَدَدْت الشَّيْءَ: قَطَعْته، فَكَأَنَّهَا انْقَطَعَتْ عَنْ الزِّينَةِ وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: تَرْكُ الزِّينَةِ لِلْعِدَّةِ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ رَجْعِيٍّ، أَوْ كَانَتْ كَافِرَةً، أَوْ صَغِيرَةً فَيَكُونُ أَعَمَّ مِنْ الشَّرْعِيِّ ط. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ ط. (قَوْلُهُ: تَحُدُّ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ) يَعْنِي وَفَتْحِ التَّاءِ مِنْ بَابِ " مَدَّ ". اهـ. ح. (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) يَعْنِي: وَفَتْحِ التَّاءِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ فَرَّ، أَوْ ضَمِّهَا فَيَكُونُ مِنْ بَابِ أَعَدَّ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: مُكَلَّفَةٌ) أَيْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ، وَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ وَمُحْتَرَزُ بَاقِي الْقُيُودِ. (قَوْلُهُ: مُسْلِمَةٌ) شَمِلَ مَنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَتَحُدُّ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا جَوْهَرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً) لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِحُقُوقِ الشَّرْعِ مَا لَمْ يَفُتْ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ بَحْرٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِدَادَ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْمَوْلَى لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ اعْتِدَادِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مَنْكُوحَةٌ) بِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِمُكَلَّفَةٍ ح. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ بِهَا) هَذَا الْقَيْدُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمُعْتَدَّةِ الْبَتِّ، أَمَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>