للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَمْلِيكَ عُصْفُورٍ لِوَاجِدِهِ أَجِزْ ... وَإِعْتَاقَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُنْكِرُ

وَإِنْ يَلْقَهُ مَعْ غَيْرِهِ جَازَ أَخْذُهُ ... كَقِشْرٍ لِرُمَّانٍ رَمَاهُ الْمُقَشِّرُ

وَفِي مُعَايَاتِهَا:

وَأَيُّ حَلَالٍ لَا يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ ... صَيُودًا وَمَا صِيدَتْ وَلَا هِيَ تَنْفِرُ

كِتَابُ الرَّهْنِ

مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّهْنِ وَالصَّيْدِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِ الْمَالِ. (هُوَ) لُغَةً: حَبْسُ الشَّيْءِ. وَشَرْعًا (حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ) أَيْ جَعْلُهُ مَحْبُوسًا لِأَنَّ الْحَابِسَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ

ــ

[رد المحتار]

إلَيْهِ فَكَحَمْلِ الْهِرَّةِ لِمَيْتَةٍ جَائِزٌ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَمْلِيكَ عُصْفُورٍ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ أَجِزْ مُقَدَّمٌ: أَيْ تَمْلِيكَهُ بِقَوْلِهِ جَعَلْته لِمَنْ أَخَذَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِبَاحَةِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْإِبَاحَةُ لِقَوْمٍ مَعْلُومِينَ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَإِعْتَاقَهُ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يُنْكِرُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُنْكِرُ أَنَّهُ يُجَوِّزُهُ أَكْثَرُهُمْ وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْحُرْمَةُ. اهـ ش. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ جَازَ أَخْذُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يُبِحْهُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَقِشْرٍ لِرُمَّانٍ) تَشْبِيهٌ مِنْ حَيْثُ حِلُّ الْأَخْذِ، وَأَمَّا مِلْكُهُ وَمَنْعُ الْأَوَّلِ مِنْهُ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ. وَفِي الصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إذَا لَمْ يُبِحْهُ، وَكَذَا فِي الدَّابَّةِ إذَا سَيَّبَهَا كَمَا بَسَطَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَأَيُّ حَلَالٍ) يَعْنِي أَنَّ رَجُلًا لَيْسَ مُحْرِمًا وَلَا فِي أَرْضِ الْحَرَمِ وَرَأَى صَيْدًا لَمْ يَصِدْهُ غَيْرُهُ وَلَا نَفَرَ: أَيْ هَرَبَ مِمَّنْ هُوَ مَالِكُهُ وَلَا يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ.

وَالْجَوَابُ: رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَلَمَّا رَآهُ غَلَقَ بَابَهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ مَلَكَهُ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ الْحَلَالِ اصْطِيَادُهُ أَوْ الْمُرَادُ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْحَلَالِ اصْطِيَادُهُ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الرَّهْنِ]

ِ هُوَ مَشْرُوعٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣]- وَبِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ بِهِ دِرْعَهُ» وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.

وَمِنْ مَحَاسِنِهِ النَّظَرُ لِجَانِبِ الدَّائِنِ بِأَمْنِ حَقِّهِ عَنْ التَّوَى، وَلِجَانِبِ الْمَدْيُونِ بِتَقْلِيلِ خِصَامِ الدَّائِنِ لَهُ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْهُ إذَا عَجَزَ.

وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْقَبُولُ كَمَا يَجِيءُ.

وَشُرُوطُهُ تَأْتِي.

وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ.

وَسَبَبُهُ تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمُقَدَّرِ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالسَّفَرِ فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ فَيَسْتَوْثِقُ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً حَبْسُ الشَّيْءِ) أَيْ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ.

قَالَ تَعَالَى - {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨]- أَيْ مَحْبُوسَةٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَرْهُونِ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ رَهَنْتُ الرَّجُلَ شَيْئًا وَرَهَنْتُهُ عِنْدَهُ وَأَرْهَنْتُهُ لُغَةٌ فِيهِ وَالْجَمْعُ رِهَانٌ وَرُهُونٌ وَرُهُنٌ.

وَالرَّهِينُ وَالرَّهِينَةُ الرَّهْنُ أَيْضًا، وَالتَّرْكِيبُ دَالٌّ عَلَى الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ.

وَالرَّاهِنُ: الْمَالِكُ، وَالْمُرْتَهِنُ: آخِذُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَيْ جَعْلُهُ مَحْبُوسًا) قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ: هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ، لَمْ يَقُلْ حَبْسُ الشَّيْءِ بِحَقٍّ لِأَنَّ الْحَابِسَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ لَا الرَّاهِنُ، بِخِلَافِ الْجَاعِلِ إيَّاهُ مَحْبُوسًا اهـ ح وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلرَّهْنِ التَّامِّ أَوْ اللَّازِمِ، وَإِلَّا فَفِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ الْحَبْسُ بَلْ ذَلِكَ بِالْقَبْضِ اهـ سَعْدِيٌّ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْمُتَبَادِرُ أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، فَلَوْ أُكْرِهَ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>