للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَا بِإِسْلَامِهِ وَوَجَبَ الْجَزَاءُ بِحِلِّهِ) إذَا رَمَى مُحْرِمًا (لَا بِإِحْرَامِهِ) وَسَيَجِيءُ قُبَيْلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ.

[فَرْعٌ]

لَوْ أَنَّ بَازِيًا مُعَلَّمًا أَخَذَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَلَا يُدْرَى أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ أَوْ لَا لَا يُؤْكَلُ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْإِرْسَالِ وَلَا إبَاحَةَ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: وَقَدْ وَقَعَ فِي عَصْرِنَا حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ شَاتَه مَذْبُوحَةً بِبُسْتَانِهِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهَا أَمْ لَا؟ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي أَنَّ الذَّابِحَ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَكَاتُهُ أَمْ لَا، وَهَلْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا أَمْ لَا. لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ اللُّقَطَةِ: قَوْمٌ أَصَابُوا بَعِيرًا مَذْبُوحًا فِي طَرِيقِ الْبَادِيَةِ، إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْ الْمَاءِ وَوَقَعَ فِي الْقَلْبِ أَنَّ صَاحِبَهُ فَعَلَ ذَلِكَ إبَاحَةً لِلنَّاسِ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ وَالْأَكْلِ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالدَّلَالَةِ كَالثَّابِتِ بِالصَّرِيحِ اهـ، فَقَدْ أَبَاحَ أَكْلَهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الذَّابِحِ أَهْلًا لِلذَّكَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حَادِثَةِ الْفَتْوَى وَاللُّقَطَةِ بِأَنَّ الذَّابِحَ فِي الْأَوَّلِ غَيْرُ الْمَالِكِ قَطْعًا وَفِي الثَّانِي يَحْتَمِلُ. وَرَأَيْت بِخَطِّ ثِقَةٍ: سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَهَا بِتَسْمِيَةٍ فَوَجَدَ صَاحِبَهَا هَلْ تُؤْكَلُ؟ الْأَصَحُّ لَا لِكُفْرِهِ بِتَسْمِيَتِهِ عَلَى الْحَرَامِ الْقَطْعِيِّ بِلَا تَمَلُّكٍ وَلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ اهـ فَلْيُحَرَّرْ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ:

وَمَا مَاتَ لَا تُطْعِمْهُ كَلْبًا فَإِنَّهُ ... خَبِيثٌ حَرَامٌ نَفْعُهُ مُتَعَذِّرُ

ــ

[رد المحتار]

يَحِلُّ لَوْ رَمَى صَيْدًا فَانْكَسَرَ الصَّيْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ لِأَنَّهُ حِينَ الرَّمْيِ كَانَ صَيْدًا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَا بِإِسْلَامِهِ) أَيْ لَوْ رَمَاهُ مُرْتَدًّا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ الْجَزَاءُ بِحِلِّهِ) أَيْ بِتَحَلُّلِهِ مِنْ إحْرَامِهِ (قَوْلُهُ لَا بِإِحْرَامِهِ) أَيْ إذَا رَمَاهُ حَلَالًا. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: حَلَالٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ أَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ وَأَصَابَهُ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ فِيهِ لَا يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ لِوُقُوعِ الشَّكِّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْبَازِي الَّذِي طَبْعُهُ الِاصْطِيَادُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرْسَلٍ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ، بِخِلَافِ الذَّابِحِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَأَنَّهُ سَمَّى، وَاحْتِمَالُ عَدَمِ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي اللَّحْمِ الَّذِي يُبَاعُ فِي السُّوقِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي التَّحْرِيمِ قَطْعًا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْ الْمَاءِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ احْتَمَلَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ فَذَبَحَهُ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ دَمٌ فَتَرَكَهُ صَاحِبُهُ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ بِالْمَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى احْتِمَالُ أَنَّهُ تَرَكَهُ إبَاحَةً لِلنَّاسِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْقَلْبِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا مُجَرَّدُ الْخُطُورِ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ ط (قَوْلُهُ إبَاحَةً لِلنَّاسِ) قَدْ شَاهَدْنَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ مَنْ يَفْعَلُهُ لِذَلِكَ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالدَّلَالَةِ) أَيْ دَلَالَةِ حَالِ صَاحِبِهِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْقَلْبِ، فَهُوَ كَصَرِيحِ قَوْلِهِ أَبَحْته لِمَنْ يَأْخُذُهُ وَخُصُوصًا الذَّبَائِحُ الَّتِي تُوجَدُ فِي مِنًى أَيَّامَ الْمَوْسِمِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي يَحْتَمِلُ) فِيهِ أَنَّ احْتِمَالَ الثَّانِي كَوْنُ الذَّابِحِ هُوَ الْمَالِكُ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ أَنَّهُ مَجُوسِيٌّ أَوْ تَارِكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مِمَّا يَسْكُنُهُ أَوْ يَسْلُكُ فِيهِ مَجُوسِيٌّ لَا يُؤْكَلُ وَإِلَّا أُكِلَ، وَلَا يَتَعَرَّضُ بِشَأْنِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ التَّسْمِيَةُ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهَا دِينًا، وَخِلَافُ هَذَا مَوْهُومٌ لَا يُعَارِضُ الرَّاجِحَ. اهـ ح. أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ اعْتِبَارَ الْوَضْعِ مَا قَالُوا فِي اللَّقِيطِ إذَا ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَلَكِنْ هُوَ مُسْلِمٌ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَكَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَقَرْيَتِهِمْ أَوْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ (قَوْلُهُ وَرَأَيْت إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِلتَّفْرِقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ التَّضْحِيَةِ بِشَاةِ الْغَصْبِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي صِحَّتِهَا بِشَاةِ الْوَدِيعَةِ، وَلِهَذَا قَالَ السَّائِحَانِيُّ أَقُولُ: هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ وَفِي الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا تُطْعِمْهُ كَلْبًا) الْإِطْعَامُ حَمْلُهُ إلَيْهِ.

وَأَمَّا حَمْلُ الْكَلْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>