مِنْهُ (وَلَوْ) الْمَالِكُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا) فِي دَارِنَا، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ فَلَا وَلَاءَ لَهُ خِلَافًا لِلثَّانِي؛ وَلَوْ عَبْدَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا عَتَقَ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِ لِلِاسْتِرْقَاقِ زَيْلَعِيٌّ.
[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]
(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا بِتَحْرِيرٍ (لِوَجْهِ اللَّهِ وَالشَّيْطَانِ وَالصَّنَمِ وَإِنْ) أَثِمَ وَ (كَفَرَ بِهِ) أَيْ بِالْإِعْتَاقِ لِلصَّنَمِ (الْمُسْلِمُ عِنْدَ قَصْدِ التَّعْظِيمِ) ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَ الصَّنَمِ كُفْرٌ. وَعِبَارَةُ الْجَوْهَرَةِ: لَوْ قَالَ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ كَفَرَ.
(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (بِكَرْهٍ) -
ــ
[رد المحتار]
الْقَرِيبِ فِي مِلْكِهِ لَا عَلَى كَوْنِهِ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لَفْظُ مَمْلُوكٍ مُطْلَقٌ، فَلِذَا دَخَلَ الْحَمْلُ هُنَا لَا هُنَاكَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ الْمَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) إنَّمَا جُعِلَا أَهْلًا لِعِتْقِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَشَابَهَ النَّفَقَةَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي دَارِنَا) أَيْ دَارِ الْإِسْلَامِ، قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي دَارِنَا، وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ حَتَّى لَوْ مَلَك قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، لَكِنْ أَفَادَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَعْتِقُ بِالْإِعْتَاقِ الصَّرِيحِ فَكَذَلِكَ بِالْمِلْكِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْفَتْحِ فَقَالَ: فَلَوْ مَلَكَ قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْتِقُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الْإِيضَاحِ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: عِتْقُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَرِيبَهُ بَاطِلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، فَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ وَخَلَّاهُ فَقَالَ فِي الْمُخْتَلِفِ: يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَقَالَا: لَا وَلَاءَ لَهُ لَكِنَّهُ عَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ لَا بِالْإِعْتَاقِ فَهُوَ كَالْمُرَاغَمِ ثُمَّ قَالَ الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ ثَمَّةَ الْقِيَاسُ لَا يَعْتِقُ بِدُونِ التَّخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا وَلَاءَ لَهُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ الْوَلَاءُ، وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَذُكِرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَعَلَى هَذَا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْإِيضَاحِ أَنْ يُرَادَ بِالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ الَّذِي نَشَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَهُنَا نَصَّ عَلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ هُنَاكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ هُنَا فَلِذَا لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ. اهـ مَا فِي الْفَتْحِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَقِيَ حَرْبِيًّا لَوْ مَلَك أَوْ عَتَقَ قَرِيبَهُ ثَمَّةَ لَا يَعْتِقُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ إلَّا إذَا خَلَّى سَبِيلَهُ، بِأَنْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ فَيَعْتِقُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا بِالْإِعْتَاقِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. فَعِنْدَهُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ ثَمَّةَ فَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِدُونِ التَّخْلِيَةِ وَلَهُ الْوَلَاءُ، وَعَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ الْمُسْلِمَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ نَاشِئًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ الْحَرْبِيُّ بِدُونِ أَوْ: أَيْ الْمُسْلِمُ النَّاشِئُ فِي دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ عَبْدَهُ) أَيْ الْحَرْبِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ عَبْدَهُ مُسْلِمًا إلَخْ ح (قَوْلُهُ فَلَا وَلَاءَ لَهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى عِتْقِهِ بِالتَّخْلِيَةِ لَا بِالْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ أَوْ بِشِرَائِهِ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ ح.
(قَوْلُهُ وَبِتَحْرِيرٍ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ نَجَّزَ الْحُرِّيَّةَ وَبَيَّنَ غَرَضَهُ الصَّحِيحَ أَوْ الْفَاسِدَ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَالْمُرَادُ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ذَاتُهُ أَوْ رِضَاهُ وَالشَّيْطَانُ وَاحِدُ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ أَوْ الْجِنِّ، بِمَعْنَى مَرَدَتِهِمْ. وَالصَّنَمُ: صُورَةُ الْإِنْسَانِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَلَوْ مِنْ حَجَرٍ فَهُوَ وَثَنٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثِمَ وَكَفَرَ بِهِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. فَالْإِثْمُ فِي الْإِعْتَاقِ لِلشَّيْطَانِ وَالْكُفْرُ فِي الْإِعْتَاقِ لِلصَّنَمِ بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِهِ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي زِيَادَتِهِ لَفْظَ أَثِمَ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، وَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَحْرِ أَيْضًا. وَالْأَظْهَرُ مَا فِي الْمَتْنِ وَالْجَوْهَرَةِ مِنْ الْكُفْرِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute