فَصَارَ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ (لَا) مُجَرَّدُ (نِكَاحِهَا) اسْتِحْسَانًا (فَلَوْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ) قَبْلَ الْقَبْضِ (بَطَلَ النِّكَاحُ) فِي قَوْلِ الثَّانِي، وَهُوَ (الْمُخْتَارُ) وَقَيَّدَهُ الْكَمَالُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بُطْلَانُهُ بِمَوْتِهَا، فَلَوْ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ النِّكَاحُ، وَإِنْ بَطَلَ الْبَيْعُ فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي فَتْحٌ
(اشْتَرَى شَيْئًا) مَنْقُولًا، إذْ الْعَقَارُ لَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي (وَغَابَ) الْمُشْتَرِي (قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَقْدِ الثَّمَنِ غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَأَقَامَ بَائِعُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يُبَعْ فِي دَيْنِهِ) لِإِمْكَانِ ذَهَابِهِ إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَصَارَ فِعْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ كَفِعْلِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ قَبْضًا لِأَنَّهُ تَعْيِيبٌ حُكْمِيٌّ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرَاةَ مُزَوَّجَةً يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا فِعْلٌ حِسِّيٌّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالتَّزْوِيجُ فِعْلُ تَعْيِيبٍ حُكْمِيٍّ بِمَعْنَى تَقْلِيلِ الرَّغَبَاتِ فِيهَا كَنُقْصَانِ السِّعْرِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ فَلَوْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ) أَيْ بِنَحْوِ خِيَارِ عَيْبٍ أَوْ فَسَادٍ (قَوْلُهُ بَطَلَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ مَتَى انْتَقَضَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَكَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْكَمَالُ) لَمْ يُقَيِّدْهُ الْكَمَالُ مِنْ عِنْدِهِ بَلْ قَالَ وَقَيَّدَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بُطْلَانَ النِّكَاحِ إلَخْ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَكَانَ أَصْوَبَ وَلَسَلِمَ عَزْوُهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ إلَى الْفَتْحِ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي فَتْحٌ) لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي الْفَتْحِ بَلْ ذَكَرَهَا فِي النَّهْرِ، وَنَقَلَ مُحَشِّي مِسْكِينٍ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهَا فِي النِّهَايَةِ وَلَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْبَحْرِ. وَنَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ شَاهِينَ أَنَّهُ وَجَدَهَا فِي الْمِعْرَاجِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهَا بِأَنَّهُ كَيْفَ تَكُونُ هَالِكَةً مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ: الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ اهـ. قُلْت: عَدَمُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ مُقْتَصِرٌ عَلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَلَمْ يَصِرْ الْعَقْدُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، فَيَظْهَرُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ تَأَمَّلْ، وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]
(قَوْلُهُ إذَا الْعَقَارُ لَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا يَبِيعُهُ إلَّا الْقَاضِي بِزِيَادَةِ إلَّا، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي النَّهْرِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: جَازَ لِلْقَاضِي بَيْعُ الْمَبِيعِ وَإِبْقَاءُ الثَّمَنِ لَوْ كَانَ مَنْقُولًا لَا لَوْ عَقَارًا اهـ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَلَوْ غَابَ بَعْدَهُ لَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي لِأَنَّ حَقَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَالِيَّتِهِ بَلْ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ التَّلَفَ فَإِنْ خِيفَ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ حَيْثُ قَالَ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَمَفْقُودٍ، وَلَهُ إقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ إذَا خِيفَ تَلَفُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُ الْغَائِبِ لَا لَوْ عُلِمَ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ خَوْفَ التَّلَفِ مُجَوِّزٌ لِلْبَيْعِ عُلِمَ مَكَانُهُ أَوْ لَا، وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَارْجِعْ إلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ غَيْبَةً مَعْرُوفَةً) بِأَنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا مَعْرِفَةً وَإِنْ بَعُدَتْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَأَقَامَ بَائِعُهُ بَيِّنَةً إلَخْ) لَيْسَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا لِلْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، بَلْ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَانْكِشَافِ الْحَالِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ بَحْرٌ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْخَصْمُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ الْخَصْمِ الْغَائِبِ شَيْئًا، أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ مَالٍ كَانَ لِلْغَائِبِ فِي يَدِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ وَلَا يَحْتَاجُ لِوَكِيلٍ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إبِلًا إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا وَدَفَعَ الْكِرَاءَ وَمَاتَ رَبُّ الدَّابَّةِ فِي الذَّهَابِ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا إلَى مَكَّةَ فَإِذَا أَتَاهَا وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى بَيْعَهَا وَدَفْعَ بَعْضَ الْأَجْرِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ رَهَنَ الْمَدْيُونُ وَغَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَرَفَعَ الْمُرْتَهِنُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ الرَّهْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَمَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ) وَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ إلَيْهِ الثَّمَنَ نَهْرٌ وَفَتْحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute