للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ لِلْوَطْءِ فَلَا يَلْحَقُهَا خُلَاصَةٌ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: زَوَّجَ امْرَأَتَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا ثُمَّ رَقَّمَ، إنْ نَوَى طَلُقْتِ اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِلَا نِيَّةٍ اذْهَبِي إلَى جَهَنَّمَ يَقَعُ إنْ نَوَى خُلَاصَةٌ، وَكَذَا اذْهَبِي عَنِّي وَأَفْلِحِي وَفَسَخْتُ النِّكَاحَ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيِّتَةِ أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ حَرَامٌ كَالْمَاءِ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالسُّرْعَةِ، وَلَا يَقَعُ بِأَرْبَعَةِ طُرُقٍ عَلَيْكِ مَفْتُوحَةٍ وَإِنْ نَوَى مَا لَمْ يَقُلْ خُذِي أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتِ.

بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لَمَّا ذَكَرَ مَا يُوقِعُهُ بِنَفْسِهِ بِنَوْعَيْهِ ذَكَرَ مَا يُوقِعُهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ. وَأَنْوَاعُهُ ثَلَاثَةٌ:

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمَقْدِسِيَّ:

فِي عِدَّةٍ عَنْ الطَّلَاقِ يَلْحَقُ ... أَوْ رِدَّةٍ أَوْ بِالْإِبَاءِ يَفْرُقُ

(قَوْلُهُ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ لِلْوَطْءِ فَلَا يَلْحَقُهَا) مِثَالُهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ حَيْضَتَيْنِ مِنْ عِدَّتِهَا مَثَلًا وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ فَلَزِمَهَا عِدَّةٌ ثَانِيَةٌ وَتَدَاخَلَتَا، فَإِذَا حَاضَتْ الثَّالِثَةَ فَهِيَ مِنْهُمَا وَلَزِمَهَا حَيْضَتَانِ أَيْضًا لِإِكْمَالِ الثَّانِيَةِ؛ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا عِدَّةُ وَطْءٍ لَا طَلَاقٍ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَقَّمَ) أَيْ رَمَّزَ عَازِيًا إلَى كِتَابٍ آخَرَ لِأَنَّ عَادَتَهُ ذِكْرُ حُرُوفٍ اُصْطُلِحَ عَلَيْهَا يُرْمَزُ بِهَا إلَى أَسْمَاءِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ إنْ نَوَى طَلُقَتْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ زَوَّجْتُكَ امْرَأَتِي فَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ إنْ صَحَّ تَزْوِيجُهَا مِنْك، أَوْ تَقْدِيرِ لِأَنَّهَا طَالِقٌ مِنِّي، فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ تَعَيَّنَ الثَّانِي فَتَطْلُقُ.

(قَوْلُهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّ تَزَوَّجِي قَرِينَةٌ، فَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ بَزَّازِيَّةٌ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ: وَلَوْ قَالَ اذْهَبِي فَتَزَوَّجِي وَقَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ أَمْكَنَكِ اهـ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ هُنَا بَحْرٌ، عَلَى أَنْ تَزَوَّجِي كِنَايَةٌ مِثْلَ اذْهَبِي فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فَمِنْ أَيْنَ صَارَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِاذْهَبِي مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ وَالْقَرِينَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَتَقَدَّمَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي اعْتَدِّي ثَلَاثًا فَالْأَوْجَهُ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ نَوَى فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَأَفْلِحِي) فِي الْبَدَائِعِ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ لَهَا: أَفْلِحِي يُرِيدُ الطَّلَاقَ يَقَعُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى اذْهَبِي تَقُولُ الْعَرَبُ أَفْلَحَ بِخَيْرٍ أَيْ ذَهَبَ بِخَيْرٍ، وَيَحْتَمِلُ اظْفَرِي بِمُرَادِك يُقَالُ أَفْلَحَ الرَّجُلُ إذَا ظَفَرَ بِمُرَادِهِ؛ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ) أَيْ يَقَعُ إنْ نَوَى، فَالْمُرَادُ التَّشْبِيهُ بِمَا هُوَ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَمَتَاعِ فُلَانٍ فَلَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْ لِأَنَّ مَتَاعَ فُلَانٍ لَيْسَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ وَجَعْلُهُ كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ تَوَقُّفِ الْوُقُوعِ بِهِ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالسُّرْعَةِ) الْأَوْلَى فِي السُّرْعَةِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ سَرِيعًا كَسُرْعَةِ الْمَاءِ فِي جَرْيِهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَنْتِ حَرَامٌ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْمُفْتَى بِهِ ط. قُلْت: وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ خُذِي أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى يَقَعُ ثَلَاثٌ فِي رِوَايَةِ أَسَدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ ابْنُ سَلَّامٍ: أَخَافُ أَنْ يَقَعَ ثَلَاثٌ لِمَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ مُرَادَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ اُسْلُكِي الطَّرِيقَ الْأَرْبَعَ وَإِلَّا فَاللَّفْظُ إنَّمَا يُعْطِي الْأَمْرَ بِسُلُوكِ أَحَدِهَا وَالْأَوْجَهُ أَنْ تَقَعَ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَتْحٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ]

ِ أَيْ تَفْوِيضُهُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا صَرِيحًا كَانَ التَّفْوِيضُ أَوْ كِنَايَةً، يُقَالُ: فَوَّضَ لَهُ الْأَمْرَ: أَيْ رَدَّهُ إلَيْهِ حَمَوِيٌّ، فَالْكِنَايَةُ قَوْلُهُ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ ح (قَوْلُهُ وَأَنْوَاعُهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى مَا يُوقِعُهُ الْغَيْرُ لَا لِلتَّفْوِيضِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>