لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَمِنْ مَجْلِسِ الْعِلْمِ إلَّا لِنَازِلَةٍ امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ سُؤَالِهَا، وَمِنْ الْحَمَّامِ إلَّا النُّفَسَاءَ وَإِنْ جَازَ بِلَا تَزَيُّنٍ وَكَشْفِ عَوْرَةِ أَحَدٍ. قَالَ الْبَاقَانِيُّ: وَعَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ لِلْعِلْمِ بِكَشْفِ بَعْضِهِنَّ، وَكَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْكَمَالِ. .
(وَتُفْرَضُ) النَّفَقَةُ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ (لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ) مُدَّةَ سَفَرٍ صَيْرَفِيَّةٌ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ مَفْقُودًا (وَطِفْلِهِ) وَمِثْلُهُ كَبِيرٌ زَمِنٌ وَأُنْثَى مُطْلَقًا (وَأَبَوَيْهِ) فَقَطْ، فَلَا تُفْرَضُ لِمَمْلُوكِهِ وَأَخِيهِ،
ــ
[رد المحتار]
الْخُرُوجَ بِلَا إذْنِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ، وَقَوَّى فِي الْبَحْرِ الْأَوَّلَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ) بِخِلَافِ فَرْضِ الْعَيْنِ كَالْحَجِّ فَلَهَا الْخُرُوجُ إلَيْهِ مَعَ مَحْرَمٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ مَجْلِسِ الْعِلْمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الْغَزْلِ، فَإِنْ لَمْ تَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ، وَأَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِتَعَلُّمِ مَسَائِلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَحْفَظُ ذَلِكَ وَيُعَلِّمُهَا لَهُ مَنْعُهَا، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَحْيَانَا بَحْرٌ.
مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْحَمَّامِ إلَخْ) الْمَنْعُ مِنْهُ قَوْلُ الْفَقِيهِ، وَخَالَفَهُ قَاضِي خَانْ فَقَالَ: دُخُولُهُ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ، لَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ. اهـ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ وَوَرَدَ اسْتِثْنَاءُ النُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: ٣٣]- اهـ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ جَازَ إلَى قَوْلِ قَاضِي خَانْ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَنْعَ الزَّوْجِ لَهَا مِنْ دُخُولِهِ مَعَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لَهَا كَمَا لَا يُنَافِي مَنْعَهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوعًا، نَعَمْ يُنَافِي مَنْعَهَا مِنْ دُخُولِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ الْفَقِيهِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.
[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]
ِ (قَوْلُهُ وَتُفْرَضُ النَّفَقَةُ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ غَابَ لَهَا أَخَذَ الْمَاضِيَ مِنْ مَالِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ مُدَّةَ سَفَرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْبَحْرِ) قَالَ: وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّهُ فِيمَا دُونَهَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ وَمُرَاجَعَتُهُ. اهـ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَيَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ عُرْسِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ أَوْ لَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُفْرَضَ نَفَقَةُ عُرْسِ الْمُتَوَارِي فِي الْبَلَدِ، وَيَدْخُلَ فِيهِ الْمَفْقُودُ. اهـ. ح.
وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُدَّةَ سَفَرٍ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ ذَهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ وَتَرَكَهَا فِي الْبَلَدِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَطِفْلِهِ) أَيْ الْفَقِيرِ الْحُرِّ ط (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَبِيرٌ زَمِنٌ) الْمُرَادُ بِهِ الِابْنُ الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَأُنْثَى مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَرِيضَةٍ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْأُنُوثَةِ عَجْزٌ ط وَالْمُرَادُ بِهَا الْبِنْتُ الْفَقِيرَةُ (قَوْلُهُ وَأَبَوَيْهِ) أَيْ الْفَقِيرَيْنِ وَلَوْ قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَا تُفْرَضُ لِمَمْلُوكِهِ وَأَخِيهِ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِمَّا سِوَى قَرَابَةِ الْوِلَادِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ لَا تَجِبُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَبْلَ الْقَضَاءِ إذَا ظَفِرُوا بِهِ فَكَانَ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ ابْتِدَاءَ إيجَابٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَقَرَابَةِ الْوِلَادِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الْأَخْذَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِلَا رِضَاهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute