بِمِثْلِ مَا مَرَّ (فَمَاتَتْ) لِأَنَّ تَأْدِيبَهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ أَصْلًا.
(ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا ضَرْبًا فَاحِشًا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُزِّرَ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ ضَرْبًا فَاحِشًا) فَإِنَّهُ يُعَزِّرُهُ وَيَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ شُمُنِّيٌّ. وَعَنْ الثَّانِي لَوْ زَادَ الْقَاضِي عَلَى مِائَةٍ فَمَاتَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِقَتْلِهِ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فَيَتَنَصَّفُ زَيْلَعِيٌّ.
[فُرُوعٌ] ارْتَدَّتْ لِتُفَارِقَ زَوْجَهَا تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَتُعَزَّرُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا، وَلَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ بِهِ يُفْتَى مُلْتَقَطٌ.
ــ
[رد المحتار]
وَأَحْمَدَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ، وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ.
قُلْت: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْأَمْرِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْإِمَامِ، فَقَدْ مَرَّ أَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ إقَامَةَ التَّعْزِيرِ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ الْإِقَامَةُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُبَاحُ لَهُ تَعْزِيرُهُ فِيهَا ط (قَوْلُهُ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ) أَيْ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ. وَأُورِدَ مَا لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَمَاتَتْ أَوْ أَفْضَاهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مَعَ أَنَّهُ مُبَاحٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَهْرَ بِذَلِكَ، فَلَوْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لَوَجَبَ ضَمَانَانِ بِمَضْمُونٍ وَاحِدٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ ضَرْبًا فَاحِشًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا فِي التَّأْدِيبِ ضَرْبًا فَاحِشًا، وَهُوَ الَّذِي يَكْسِرُ الْعَظْمَ أَوْ يَخْرِقُ الْجِلْدَ أَوْ يُسَوِّدُهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا ضَرَبَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ اهـ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ) ظَاهِرُهُ تَقْيِيدُ الضَّمَانِ بِمَا إذَا كَانَ الضَّرْبُ فَاحِشًا، وَيُخَالِفُهُ إطْلَاقُ الضَّمَانِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَاكِمُ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَيَضْرِبُ ابْنَهُ، وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إذَا أَدَّبَ الصَّبِيَّ فَمَاتَ مِنْهُ يَضْمَنُ عِنْدَنَا وَالشَّافِعِيِّ اهـ وَقَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ بِضَرْبِ الصَّبِيِّ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ وَلَا الْمُعَلِّمُ فِي التَّعْزِيرِ، وَلَا الْأَبُ فِي التَّأْدِيبِ، وَلَا الْجَدُّ وَلَا الْوَصِيُّ لَوْ بِضَرْبٍ مُعْتَادٍ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ. اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ الضَّمَانُ فِي ضَرْبِ التَّأْدِيبِ لَا فِي ضَرْبِ التَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، مَا لَمْ يَكُنْ ضَرْبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ مُطْلَقًا، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَعَنْ الثَّانِي إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ هَكَذَا: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَزِدْ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى مِائَةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا كَانَ يَرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ: أَنَّ أَكْثَرَ مَا عَزَّرُوا بِهِ مِائَةٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَمَاتَ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَحَصَلَ الْقَتْلُ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَبِفِعْلٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَتَنَصَّفُ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الَّذِي يَرَى ذَلِكَ اجْتِهَادًا أَوْ تَقْلِيدًا، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبَابِ اسْتِدْلَالَ أَئِمَّتِنَا بِحَدِيثِ «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ» وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ هُنَاكَ وُجُوبُ الضَّمَانِ إذَا تَعَدَّى بِالزِّيَادَةِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ غَيْرُ مُعْتَمَدَةٍ عِنْدَ الْكُلِّ فَافْهَمْ
[فُرُوعٌ ارْتَدَّتْ لِتُفَارِقَ زَوْجَهَا]
(قَوْلُهُ وَتُعَزَّرُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ) جَرَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدَّمْنَا تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا إنَّهُ لَا يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ وَلَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ) بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بِمَهْرٍ يَسِيرٍ وَهَذِهِ إحْدَى رِوَايَاتٍ ثَلَاثٍ تَقَدَّمَتْ فِي الطَّلَاقِ. الثَّانِيَةُ أَنَّهَا لَا تَبِينُ رَدًّا لِقَصْدِهَا السَّيِّئِ. الثَّالِثَةُ مَا فِي النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهَا رَقِيقَةً إنْ كَانَ مَصْرِفًا ط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute