للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ مَبْنَى هَذَا الْبَابِ عَلَى أُصُولٍ مُقَرَّرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ لَا تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى، بِخِلَافِ حُقُوقِهِ تَعَالَى.

وَمِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بَاطِلَةٌ، بِخِلَافِ الْأَقَلِّ لِلِاتِّفَاقِ فِيهِ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَزِيدُ مِنْ الْمُقَيَّدِ لِثُبُوتِهِ مِنْ الْأَصْلِ وَالْمِلْكُ بِالسَّبَبِ مُقْتَصِرٌ عَلَى وَقْتِ السَّبَبِ. وَمِنْهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَتَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَمُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ الدَّعْوَى مَعْنًى فَقَطْ وَسَيَتَّضِحُ.

(تَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ شَرْطُ قَبُولِهَا) لِتَوَقُّفِهَا عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ وَلَوْ بِالتَّوْكِيلِ، بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِوُجُوبِ إقَامَتِهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَكُلُّ أَحَدٍ خَصْمٌ فَكَأَنَّ الدَّعْوَى مَوْجُودَةٌ (فَإِذَا وَافَقَتْهَا) أَيْ وَافَقَتْ الشَّهَادَةُ الدَّعْوَى (قُبِلَتْ وَإِلَّا) تُوَافِقْهَا (لَا) تُقْبَلْ

ــ

[رد المحتار]

تَكَلَّمْتُ بِهِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ وَالْآخَرُ عَلَى طَلَاقِهَا أَمْسِ يَقَعُ الطَّلَاقُ لَا الْعَتَاقُ وَهِيَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ اهـ وَزَادَ الْبِيرِيُّ مَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ اللُّقَطَةِ، وَذَلِكَ لُقَطَةٌ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَأَقَامَ صَاحِبُهَا شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَيْهَا تُسْمَعُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْكَافِرِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا، وَمَا لَوْ مَاتَ كَافِرٌ فَاقْتَسَمَ ابْنَاهُ تِرْكَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ قُبِلَتْ فِي حِصَّةِ الْكَافِرِ خَاصَّةً اهـ.

[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

(قَوْلُهُ مِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الدُّرَرِ. قَالَ مُحَشِّيهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ: لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لَا فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَعَدَمِهِ اهـ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى) وَمِنْهُ إذَا ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا أَوْ بِالنَّتَاجِ فَشَهِدُوا فِي الْأَوَّلِ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَفِي الثَّانِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ قُبِلَتْ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِسَبَبٍ أَقَلُّ مِنْ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ، بِخِلَافِهِ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْحُدُوثَ وَالْمُطْلَقَ أَقَلُّ مِنْ النَّتَاجِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَالنَّتَاجَ عَلَى الْيَقِينِ وَفِي قَلْبِهِ، وَهُوَ دَعْوَى الْمُطْلَقِ فَشَهِدُوا بِالنَّتَاجِ لَا تُقْبَلُ، وَمِنْ الْأَكْثَرِ مَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِسَبَبٍ فَشَهِدُوا بِالْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ الْإِرْثَ بَاقَانِيٌّ، وَتَمَامُهُ هُنَاكَ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ بَاطِلَةٌ) أَيْ إلَّا إذَا وَفَّقَ وَبَيَانُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَتَيْنِ إلَخْ) كَمَا لَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بَطَلَتْ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَالشُّهُودُ شَهِدُوا أَنَّهَا مُنْذُ سَنَةٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ خَانِيَّةٌ. وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ فِي الشَّهَادَاتِ: الشَّهَادَةُ لَوْ خَالَفَتْ الدَّعْوَى بِزِيَادَةٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا أَوْ نُقْصَانٍ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا اهـ حَامِدِيَّةٌ.

وَفِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ، إلَى بَيَانِ لَوْنِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَا يُكَلَّفُ إلَى بَيَانِهِ فَاسْتَوَى ذِكْرُهُ وَتَرْكُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ اهـ حَامِدِيَّةٌ.

رَجُلٌ ادَّعَى فِي يَدِ رَجُلٍ مَتَاعًا أَوْ دَارًا أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَالَ: إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بَطَلَ الْقَضَاءُ. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا، وَلَوْ عَايَنَ الْقَاضِي إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَالِيًا مِنْ تَكْذِيبِ الشُّهُودِ وَكَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا وَافَقَتْهَا قُبِلَتْ) صَدَّرَ الْبَابَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهَا كَالدَّلِيلِ لِوُجُوبِ اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا لَزِمَ اخْتِلَافُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ سَعْدِيَّةٌ، وَبِهِ ظَهَرَ وَجْهُ جَعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ. ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>