للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُرَادِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ الْمُجْمَلُ وَمِثْلُ الْكَفَالَةِ الْحَوَالَةُ.

(وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ) الْغَيْرِ الْمُلَائِمِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ بِأَدْنَى نَظَرٍ.

(قَوْلُهُ: لِمُرَادِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيَانِ: أَيْ يُسْأَلُ هَلْ أَرَدْت الْقَبْضَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُجْمِلُ) بِكَسْرِ ثَالِثِهِ اسْمُ فَاعِلٍ: أَيْ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِجْمَالِ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إلَى الْمُجْمِلِ وَالْمُرَادُ بِالْمُجْمِلِ هُنَا مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ، وَيَحْتَمِلُ الْمَجَازَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا حَقِيقَةُ الْمُجْمِلِ، يَعْنِي يَرْجِعُ إلَيْهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا لِإِزَالَةِ الِاحْتِمَالَاتِ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا، مِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ الْقَبْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْصِدُ الْإِبْرَاءَ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَفَالَةِ الْحَوَالَةُ) فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالْكَفِيلِ اهـ.

قَالَ ط: فَإِنْ قَالَ الْمُحَالُ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَرِئْت إلَيَّ رَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِنْ قَالَ أَبْرَأْتُك لَا وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَالَ بَرِئْت فَقَطْ اهـ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ.

[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَيُرْوَى أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ دُونَ الدَّيْنِ فِي الصَّحِيحِ فَكَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ هِدَايَةٌ، وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ بُطْلَانِهِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ بَحْرٌ قُلْت: وَلِذَا قَالَ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى وَالْمُخْتَارِ الصِّحَّةُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ إضَافَتَهُ تَعْلِيقٌ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا وَالْمَعْنَى، وَبَطَلَتْ الْبَرَاءَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِالشَّرْطِ، وَإِذَا بَطَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ تَبْقَى الْكَفَالَةُ عَلَى أَصْلِهَا فَلِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بُطْلَانَ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ بَقَاءُ الْبَرَاءَةِ صَحِيحَةً مُنَجَّزَةً وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِهَا وَلَا يُنَاسِبُهُ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ التَّعْلِيقِ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ بَلْ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ هُوَ الْبَرَاءَةُ الْمُعَلَّقَةُ فَتَبْطُلُ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَا نَصُّهُ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ اهـ.

وَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْته.

(قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْغَيْرِ الْمُلَائِمِ) نَحْوُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ.

وَمِثَالُ الْمُلَائِمِ مَا لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ وَقَالَ إنْ وَافَيْت بِهِ غَدًا فَأَنْتِ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَوَافَاهُ مِنْ الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ اهـ ح.

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ الْغَيْرُ الْمُلَائِمِ هُوَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلطَّالِبِ أَصْلًا كَدُخُولِ الدَّارِ وَمَجِيءِ الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ اهـ.

قُلْت: وَسُئِلْت عَمَّنْ قَالَ كَفَلْته عَلَى أَنَّك إنْ طَالَبْتنِي بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَا كَفَالَةَ لِي، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَائِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ) أَقُولُ: الَّذِي فِي الْفَتْحِ هَكَذَا: قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ: أَيْ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ عَجَّلْت لِي الْبَعْضَ أَوْ دَفَعْت الْبَعْضَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ الْكَفَالَةِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَارَفِ فَلَا يَجُوزُ ثُمَّ قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ أَوْجَهُ إلَخْ فَهَذَا شَرْحٌ لِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا آنِفًا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ ظَاهِرَ مَا فِي الْهِدَايَةِ تَرْجِيحُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ اخْتَارَهَا فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، وَكَذَا اخْتَارَهَا فِي الْفَتْحِ كَمَا تَرَى، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ جَوَازُ الشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ رِوَايَةَ عَدَمِ الْجَوَازِ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ، وَذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى.

ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَهِيَ رِوَايَةُ الْجَوَازِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الشَّرْطُ الْمُتَعَارَفُ أَيْضًا وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يَجُوزُ أَصْلًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَيُرْوَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْ إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُتَعَارَفٍ وَيَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْمُتَعَارَفِ بِالْأَوْلَى، فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَكُونُ قَدْ اخْتَارَ فِي الْفَتْحِ جَوَازَ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ، وَعَلَى الثَّانِي اخْتَارَ جَوَازَهُ مُطْلَقًا، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>