للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَالْمُتَفَرِّقَاتُ: لَكِنْ فِي النَّهْرِ ظَاهِرُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُ الْإِطْلَاقِ قَيَّدَ بِكَفَالَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ تَفْصِيلًا مَبْسُوطًا فِي الْخَانِيَّةِ.

(لَا يَسْتَرِدُّ أَصِيلٌ مَا أَدَّى إلَى الْكَفِيلِ) بِأَمْرِهِ لِيَدْفَعَهُ لِلطَّالِبِ

ــ

[رد المحتار]

أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قَيَّدَ رِوَايَةَ عَدَمِ الْجَوَازِ بِالْمُتَعَارَفِ عُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يَجُوزُ بِالْأَوْلَى، ثُمَّ اخْتَارَ مُقَابِلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَوَازِ أَيْ مُطْلَقًا، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ وَلَوْ مُلَائِمًا، وَرُوِيَ جَوَازُهُ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْعِنَايَةِ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ لَوْ غَيْرَ مُتَعَارَفٍ وَالْجَوَازُ لَوْ مُتَعَارَفًا.

وَذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ هَذَا الْقَوْلَ وَجَعَلَهُ مَحْمَلَ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّ قَوْلَ الْكَنْزِ وَبَطَلَ التَّعْلِيقُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُتَعَارَفِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ مُخَالِفٌ لِهَذَا التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ بُطْلَانَ التَّعْلِيقِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ كَمَا عَلِمْت فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي شَرْحِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ: أَيْ أَقَرَّ مَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالتَّوْفِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُتَفَرِّقَاتُ) أَيْ مُتَفَرِّقَاتُ الْبُيُوعِ فِي بَحْثِ مَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ.

(قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ رِوَايَةُ بُطْلَانِ التَّعْلِيقِ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا الْإِطْلَاقُ عَمَّا فَصَّلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي كَوْنِ الزَّيْلَعِيِّ رَجَّحَ ذَلِكَ نَظَرٌ، بَلْ كَلَامُهُ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ الْمَارِّ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: قُيِّدَ بِكَفَالَةِ النَّفْسِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَمْ يَذْكُرْ الْقَيْدَ فِي الْمَتْنِ كَالْكَنْزِ اهـ ح.

(قَوْلُهُ: مَبْسُوطًا فِي الْخَانِيَّةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى وُجُوهٍ فِي وَجْهٍ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْكَفِيلُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي وَجْهٍ يَصِحَّانِ كَمَا إذَا كَانَ كَفِيلًا بِالْمَالِ أَيْضًا وَشَرَطَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ وَيُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَفِي وَجْهٍ يَبْطُلَانِ كَمَا إذَا شَرَطَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَرِدُّ أَصِيلٌ إلَخْ) أَيْ إذَا دَفَعَ الْأَصِيلُ وَهُوَ الْمَدْيُونُ إلَى الْكَفِيلِ الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ لَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: لِأَنَّهُ أَيْ الْكَفِيلَ مَلَكَهُ بِالِاقْتِضَاءِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْكَفَالَةَ تُوجِبُ دَيْنًا لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ وَدَيْنًا لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ، لَكِنْ دَيْنُ الطَّالِبِ حَالٌّ وَدَيْنُ الْكَفِيلِ مُؤَجَّلٌ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ؛ وَلِذَا لَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ مِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وُهِبَ مِنْهُ الدَّيْنَ صَحَّ فَلَا يَرْجِعُ بِأَدَائِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْكَفَالَةَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّالِبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لِلْكَفِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَعَلَى هَذَا فَالْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ تُوجِبُ ثُبُوتَ دَيْنَيْنِ وَثَلَاثَ مُطَالَبَاتٍ تُعْرَفُ بِالتَّدَبُّرِ اهـ مَا فِي النَّهْرِ أَيْ دَيْنٌ وَمُطَالَبَةٌ حَالَّيْنِ لِلطَّالِبِ عَلَى الْأَصِيلِ وَدَيْنٌ وَمُطَالَبَةٌ مُؤَخَّرَيْنِ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ أَيْضًا وَمُطَالَبَةٌ فَقَطْ لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهَا الضَّمُّ فِي الْمُطَالَبَةِ.

[تَنْبِيهٌ] نَقَلَ مُحَشِّي مِسْكِينٍ عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ الْمِفْتَاحِ أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِرْدَادِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَخِّرْهُ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ قَوْلُهُ أَوْ الْكَفِيلُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِأَمْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْكَفِيلِ احْتِرَازًا عَنْ الْكَفِيلِ بِلَا أَمْرٍ كَمَا سَيَأْتِي.

قَالَ فِي النَّهْرِ: قَيَّدَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِيَدْفَعَهُ لِلطَّالِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَدَّى.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَفِيلَ مَلَكَ الْمُؤَدَّى فَذَلِكَ فِيمَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ الْأَصِيلُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، بِأَنْ قَالَ لَهُ إنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْك الطَّالِبُ حَقَّهُ فَأَنَا أَقْضِيك الْمَالَ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>