للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقِيمَةُ دِرْهَمِهَا نِصْفَانِ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ النُّقْرَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْفِضَّةِ وَعَلَى الذَّهَبِ وَعَلَى الْفُلُوسِ النُّحَاسِ بِعُرْفِ مِصْرَ الْآنَ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ؛ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْعَمَلُ عَلَى الِاسْتِيمَارَاتِ الْقَدِيمَةِ لِلْوَقْفِ كَمَا عَوَّلُوا عَلَيْهَا فِي نَظَائِرِهِ كَمَعْرِفَةِ خَرَاجٍ وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَبِهِ أَفْتَى الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودْ أَفَنَدِي.

(وَلَوْ قَبَضَ زَيْفًا بَدَلَ جَيِّدٍ) كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ (جَاهِلًا بِهِ) فَلَوْ عَلِمَ وَأَنْفَقَهُ كَانَ قَضَاءً اتِّفَاقًا (وَنَفَقَ أَوْ أَنْفَقَهُ) فَلَوْ قَائِمًا رَدَّهُ اتِّفَاقًا (فَهُوَ قَضَاءٌ) لِحَقِّهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ يَرُدُّ مِثْلَ زَيْفِهِ وَيَرْجِعُ بِجَيِّدِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ كَانَتْ سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً، وَاخْتَارَهُ لِلْفَتْوَى ابْنُ كَمَالٍ. قُلْت: وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ والشُّرُنبُلالِيَّة فِيهِ يُفْتَى.

[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

(وَلَوْ فَرَّخَ طَيْرٌ أَوْ بَاضَ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ

ــ

[رد المحتار]

تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ، وَلَا شَكَّ فِي اخْتِلَافِ أَزْمِنَةِ الْوَاقِفِينَ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ زَمَنِ الْوَاقِفِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ. قُلْت: وَفِي زَمَانِنَا وَقَبْلَهُ بِمُدَّةٍ مَدِيدَةٍ تَرَكَ النَّاسُ التَّعَامُلَ بِلَفْظِ الدِّرْهَمِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ لَفْظَ الْقِرْشِ وَهُوَ اسْمٌ لِأَرْبَعِينَ نِصْفٍ فِضَّةً، وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ، فَيُنْظَرُ إلَى قِرْشِ زَمَنِ الْوَاقِفِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ فَقِيمَةُ دِرْهَمِهَا نِصْفَانِ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَعْدَمَا حَرَّرَ الْمَقَامَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَلَا يُنَافِي مَا حَرَّرَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَنَّ النُّقْرَةَ تُطْلَقُ إلَخْ) إطْلَاقُهَا عَلَى الْفُلُوسِ عُرْفٌ حَادِثٌ. فَفِي الْمُغْرِبِ: النُّقْرَةُ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ) وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْلَمَ مَا كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ أَوْ يَكُونَ قَيَّدَهَا بِشَيْءٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الِاسْتِيمَارَاتِ الْقَدِيمَةِ) أَيْ التَّصَرُّفَاتِ أَوْ الْعَطَايَا أَوْ الدَّفَاتِرِ أَوْ نَحْوِهَا، مَأْخُوذَةٌ مِنْ اسْتَمَرَّ الشَّيْءُ إذَا دَامَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُلُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَيُتَّبَعُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَضَ زَيْفًا) أَيْ رَدِيئًا وَهُوَ مِنْ الْوَصْفِ بِالْمَصْدَرِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ زَافَتْ الدَّرَاهِمُ تَزِيفُ زَيْفًا مِنْ بَابِ سَارَ أَيْ رَدَأَتْ ثُمَّ وُصِفَ بِهِ فَقِيلَ دِرْهَمٌ زَيْفٌ وَدِرْهَمٌ زُيُوفٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَرُبَّمَا قِيلَ زَائِفٌ عَلَى الْأَصْلِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة الدَّرَاهِمُ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ: جِيَادٌ، وَنَبَهْرَجَةٌ، وَزُيُوفُ، وَسَتُّوقَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّبَهْرَجَةِ، قِيلَ هِيَ الَّتِي تُضْرَبُ فِي غَيْرِ دَارِ السُّلْطَانِ وَالزُّيُوفُ: هِيَ الْمَغْشُوشَةُ. وَالسَّتُّوقَةُ: صُفْرٌ مُمَوَّهٌ بِالْفِضَّةِ. وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: الْجِيَادُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ تُرَوَّجُ فِي التِّجَارَاتِ وَتُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَالزُّيُوفُ مَا زَيَّفَهُ بَيْتُ الْمَالِ: أَيْ يَرُدُّهُ، وَلَكِنْ تَأْخُذُهُ التُّجَّارُ فِي التِّجَارَاتِ لَا بَأْسَ بِالشِّرَاءِ بِهَا، وَلَكِنْ يُبَيِّنُ لِلْبَائِعِ أَنَّهَا زُيُوفٌ. وَالنَّبَهْرَجَةُ: مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ. وَالسَّتُّوقَةُ: أَنْ يَكُونَ الطَّاقُ الْأَعْلَى فِضَّةً وَالْأَسْفَلُ كَذَلِكَ وَبَيْنَهُمَا صُفْرٌ وَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ اهـ. وَقَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ: وَحَاصِلُ مَا قَالُوهُ إنَّ الزُّيُوفَ أَجْوَدُ وَبَعْدَهُ النَّبَهْرَجَةُ وَبَعْدَهُمَا السَّتُّوقَةُ: وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الزَّغَلِ الَّتِي نُحَاسُهَا أَكْثَرُ مِنْ فِضَّتِهَا (قَوْلُهُ كَانَ قَضَاءً اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِتَرْكِ حَقِّهِ فِي الْجَوْدَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَأَنْفَقَهُ لِأَنَّهُ لَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَمْ يُنْفِقْهُ لَهُ رَدُّهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَنَفَقَ) أَيْ هَلَكَ، يُقَالُ: نَفَقَتْ الدَّابَّةُ نُفُوقًا مِنْ بَابِ قَعَدَ هَلَكَتْ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَقَوْلُهُمَا قِيَاسٌ كَمَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ

(قَوْلُهُ وَلَوْ فَرَّخَ طَيْرٌ) يُقَالُ فَرَّخَ بِالتَّشْدِيدِ وَأَفْرَخَ صَارَ ذَا أَفْرَاخٍ، وَأَفْرَخَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>